قلت: فإنْ صح أن أبا هريرة كان يفصل بين كلب الزرع وغيره - يكون ذلك جمعًا بين اختلاف الروايات، فمَنْ روى عنه السبع يكون كلامه في غير كلب الزرع، ومَنْ روى الثلاث يكون مراده بكلب الزرع.

واحتج مَنْ جعل مذهب الراوي مخصِّصًا: بأنه إنما خالف لدليلٍ؛ لأنه لو خالف لا لدليل لَفُسِّق، فلا تُقبل روايته، وإذا كانت مخالفته مستندة إلى دليل - تحتم اتباعه.

والجواب: أنه ربما خالف لشيء ظَنَّ في نفسه - بما أداه إليه نظرُه - كونَه دليلًا، ولم يكن كذلك في نفس الأمر، فلا يلزم القدح في روايته؛ لأنه لم يقدم إلا على حسب تأدية اجتهاده، ولا الاتباع؛ لعدم صحة المظنون (?). بل ولو احتمل: أن ما ظنه حقٌّ في نفس الأمر (?) - فليس لنا الانقياد له بمجرد التقليد ما لم يتضح لنا وجه الحق في ذلك. والغرض: أن الذي يتضح لنا خلافُ ما عَمِله؛ لقيام الدليل الذي رواه مُعَارِضًا بحقٍّ لِمَا رآه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015