صَوّرتم قياسًا قاطعًا فصوِّروا صيغة نقطع بعمومها (?)، هذا تقرير الوجه الثاني من الوجهين اللذَيْن اعتصم بهما الجبائي.
وأجاب في الكتاب عن هذا (?) الثاني بوجهين:
أحدهما: لا نسلم أن مقدمات القياس أكثر مطلقًا، بل قد يكون بالعكس أي: يكون مقدمات العام أكثر من مقدمات القياس، فإن فيه احتمال التجوز، والنسخ، وخطأ الراوي، وغير ذلك. والقياس لا يحتمل شيئًا مِنْ ذلك.
وثانيهما: أنا سلمنا أن مقدمات القياس أكثر مطلقًا، لكن في العمل بهما عمل بالدليلين وهو أحرى، أي: أحوط وأولى، كما سبق.
وقد عرفت ما فيه من النظر، والحق أن الوجهين ضعيفان: أما هذا فلما عرفتَ، وأما الذي قبله فلأن القياس لا بد وأن يستند إلى أصل، وذلك الأصل إن لم يكن مقطوع المتن - تطرقت إليه هذه الاحتمالات، وينضم إليها ما يختص به القياس من المحتملات؛ فيكون الاحتمال فيه أكثر. وإن كان مقطوع المتن فدلالته ظنية، وهي تقبل القوة والضعف، كالقياس. وعند ذلك نقول: الحقُّ في الجواب أن يقال: كميات المقدِّمات قد تُعارِض كيفياتِها فمقدمات (?) القياس وإنْ كانت كثيرة، لكنها قد تكون أقوى من مقدمات العام القليلة بحيث تصير مع كثرتها بسبب كيفياتها معادلة