فإذا قيل: معنى قَوْلنا: "النهي عن الشيء أمْرٌ بضده": هو أن مطلوبَ النهي فِعْلُ الضد. وهو أحد القولين في المسألة الأولى. ومعنى "أنه ليس أمرًا بضده": هو أن المطلوب انتفاءُ المنهي عنه. وهو القول الثاني في المسألة الأولى. فالمسألتان حينئذ واحدة، وإلا فما الفرق؟
قلنا: قد كنا وعدنا في الكلام على تلك المسألة بالجواب عن هذا السؤال؛ لضيق المحل هناك عما نُورده هنا. وقد أجيب بأوجه:
أحدها: أن الكلام في تلك المسألة بحث لفظي، وفي هذه معنوي. ذكره الأصفهاني شارح "المحصول" (?).
والثاني: أن قولنا: النهي عن الشيء أمرٌ بضده بحث في المتعلِّقات بكسر اللام، فإن النهي متعلِّق بالمنهي عنه والأمر متعلق بالمأمور.
وقولنا: المطلوب النهي فعل ضد النهي عنه بحث في المُتَعَلَّقات بفتح اللام.
والثالث: أن البحث في تلك المسألة في دلالة الالتزام على ضد المنهي عنه، فنقول: متى نُهي عن الشيء مطابقة دلَّ (?) على طلب ضده التزامًا، والبحث في هذه المسألة (?) في دلالة المطابقة ما مدلولها الطابِق هل هو العدم أو ضده. ذكرهما القرافي (?).