يفسرهما قوله تعالي حكاية عن قول فرعون لقومه: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} 1 فأطلق الأمر على ما يقولونه في مجلس المشاورة ومن المعلوم انتفاء العلو إذا كان فرعون في تلك الحالة أعلى رتبة منهم وقد جعلهم آمرين له وانتفاء الاستعلاء إذ لم يكونوا مستعلين عليه والأصل في الإطلاق الحقيقة فدل ذلك على عدم اعتبار كل واحد من العلو والاستعلاء ومما يدل على ذلك قول عمرو بن العاص لمعاوية رضي الله عنهما:

أمرتك أمرا جازما فعصيتني ... وكان من التوفيق قتل ابن هاشم

وابن هاشم هذا رجل من بني هاشم خرج من العراق على معاوية رضي الله عنه فامسكه فأشار عليه عمرو بقتله فخالفه معاوية لشدة حلمه وكثرة عفوه فأطلقه فخرج عليه مرة أخرى فأنشده عمرو البيت في ذلك لا في علي رضي الله عنه وإنما نبهنا على ذلك مخافة أن يتوهمه متوهم.

وقال دريد بن الصمة2 لنظرائه ولمن هو فوقه:

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... وهل يستبان الرشد إلا ضحى الغد

وقال الآخر مخاطبا يزيد بن المهلب أمير خراسان والعراق:

أمرتك أمرا جازما فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الإمارة نادما

وقد قيل في إبطال مذهب أبي الحسين على الخصوص في الكتاب العزيز في غاية التلطف ونهاية الاستجلاب بتذكير النعم والوعيد بالنقم كما في قوله تعالى: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 3 وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} 4 إلى غير ذلك من الآيات

المنافية لاشتراط الاستعلاء وإلا يلزم أبا الحسين أن يخرجها عن كونها أوامر بل يلزمه أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015