الحاجب لسلم من هذا الاعتراض ويعترض عليه أيضا بقول القائل أوجبت عليك كذا وأنا طالب منك كذا فإنه يصدق عليه التعريف مع كونه خبرا فكان ينبغي أن يقول بالذات كما فعل في تقسيم الألفاظ.

واعلم أن هذا التعريف يدخل فيه النفساني فكان ينبغي أن يأتي بفصل يخرجه وليس لقائل أن يقول النفسانى نفس الطلب لا الطالب فقد خرج بقوله الطالب لأنا نقول يصدق على النفساني أنه طالب.

ولئن قلت: إنه ليس بطالب حقيقة.

قلت: وكذا اللساني إنما الطالب حقيقة المتكلم وقد زاد الإمام في الحد قيدا آخر عند قوله إن الحق أن الأمر اسم لمطلق اللفظ الدال على الطلب لا اللفظ العربي الدال على الطلب بدليل أن الفارسي إذا طلب من عبده شيئا يلقنه يسميه العربي أمرا وأنه لو حلف لا يأمر فأمر بالفارسية حنث فقال الحق أنه اسم لمطلق اللفظ الدال على الطلب المانع من النقيض لا لمطلق اللفظ الدال على مطلق الطلب.

قال: وذلك إنما يظهر ببيان أن الأمر للوجوب وهذا ماش على ما اقتضته طريقته من أن لفظ الأمر هو صيغة افعل والتحقيق أنهما مسألتان كما سبق ومما يدل عليه ذهاب الجمهور ومنهم القاضي إلى أن المندوب مأمور به مع قول الجمهور إن صيغة افعل حقيقة في الوجوب وقول القاضي إنها مترددة بين الوجوب والندب والإباحة والتهديد صرح به في مختصر التقريب بل صرح في مختصر التقريب بما قلناه.

وهذه عبارته: الأمر الحقيقي معنى قائم بالنفس وحقيقة اقتضاء الطاعة ثم ذلك ينقسم إلى ندب ووجوب لتحقيق الاقتضاء فيهما.

وأما العبارة الدالة على المعنى القائم بالنفس نحو قول القائل افعل فمترددة بين الدلالة على الوجوب والندب والإباحة والتهديد فيتوقف فيها حتى يثبت بقيود المقال أو قرائن الحال تخصصها ببعض المقتضيات هذا ما نرتضيه من المذهب انتهى قوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015