أما الثالث وهو المطلوب من العبد فهو العمل بموجب ذلك العلم، فإنه إذا اسْتيْقن قلبه بالعلم بلا حول ولا قوة إلا بالله الشاملة بلا استثناء للتحكّم بحركات الوجود كله وسكناته مع ملكيته، وأن القوة على ذلك قائمة بالرب سبحانه، واستيقن أيضاً أن جمال معبوده أعظم مما يحيط به علمه وتصوّره، وأن هذه الصور الجمالية المخلوقة ماهي إلا إشارات وتعريفات فقط بالجمال الإلهي، وليس معنى هذا التفلّت من آداب الشرع وإنما معناه أن كل أحد يعرف الجمال وكل قلب يهفو ويصْبوا إليه، ومن هنا جاء الابتلاء بالصور الجميلة المخلوقة الفانية.
والكلام هنا على المعرفة، فإن العبد إذا علم أن صورة معبوده لا تماثل الصور المخلوقة وكيف يُماثل من تُشرق الأرض بنوره تجرّد تألّهه له من جميع الوجوه.