قال الشيخ: وحسبك من البراهين النيرة، والدلائل الواضحة، والحجج الظاهرة التي أعربت عن نفسها فأغنت عن شرحها: أن مصحف عثمان - رضي الله عنه - في أيام حياته وبعد -[416]- وفاته، به وبما فيه كان يقرأ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - هو وأولاده وأهل بيته وأصحابه، ما غير منه حرفاً ولا قدم منه مؤخرا، ولا أخر مقدما، ولا أحدث فيه شيئاً، ولا نقص منه شيئاً، ولا قال ذلك ولا فعله أحد من أهل بيته ولا من أصحابه، لكنهم كلهم مجمعون على القراءة بما في مصحف عثمان - رحمه الله -، وما زالوا بذلك وعلى ذلك حتى فارقوا الدنيا - رحمة الله عليهم - فمن ادعى عليهم غير ذلك فقد كذب وأثم واختلق الزور والبهتان، وقال ما يعلم أهل الإسلام جميعاً إحالته فيه، والله حسبه وهو حسبنا ونعم الوكيل.

فإنا لا نعلم أحداً من المسلمين من أهل العلم روى أن علياً - رضي الله عنه - خالف أبا بكر، ولا عمر، ولا عثمان، في شيء مما حكموا به من صدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووقفه وسهم ذي القربى، ولا غير ذلك من قضايا عمر في أهل الذمة، وقيام شهر رمضان، ومصحف عثمان، ولقد دخل علي - رضي الله عنه - الجزيرة فأخرج إليه -[417]- أهل الذمة بها كتاب العهد الذي كتبه لهم عمال عمر بن الخطاب - رحمه الله - والشرائط التي كان شرطها عليهم فيه فاستحسنه علي وقبله، وحكم به وأمضاه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015