الْفَصْل الثَّالِث شُمُول الْقدر الالهي لجَمِيع أَفعَال الْعباد وضرورة تحَققه

عقد ابْن بطة لبَيَان هَذَا الْمَعْنى بَابا خَاصّا وَهُوَ الْبَاب الثَّالِث من الْجُزْء التَّاسِع عنوانه بَاب الْإِيمَان بِأَن الله عز وَجل إِذا قضى من النُّطْفَة خلقا كَانَ وَإِن عزل صَاحبهَا وَمن رد ذَلِك فَهُوَ من الْفرق الهالكة

قررت النُّصُوص الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب أَن إِرَادَته تَعَالَى غالبة ومشيئته فِي خلقه مَاضِيَة فَلَا يقدر أحد من خلقه على أَن يجلب لنَفسِهِ مَا لم يرد الله لَهُ من الْخيرَات وَالْمَنَافِع كمالا يقدر على أَن يدْفع عَن نَفسه مَا قدر الله عَلَيْهِ من الشرور والمضار فَالله تَعَالَى لَا يمنعهُ مَانع من تَنْفِيذ إِرَادَته كَمَا لَا يقدر أحد من خلقه أَن ينفذ خلاف مُرَاده سُبْحَانَهُ خلافًا للْعَبد فِي ذَلِك فَالله تَعَالَى قد يحول بَينه وَبَين مُرَاده إِذا لم يرد لَهُ ذَلِك أزلا مهما أُوتِيَ العَبْد من قُوَّة واجتهاد وَمهما أُوتِيَ من حزم وحيلة واحتياط وبيانا لهَذَا الْمَعْنى يَقُول الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن المَاء الَّذِي يكون مِنْهُ الْوَلَد يبيت على صَخْرَة لأخرج الله مِنْهُ ولدا ليخلقن الله نسمَة هُوَ خَالِقهَا // صَحِيح // وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قدر الله لنَفس أَن تخرج إِلَّا وَهِي كائنة // صَحِيح // وَذَلِكَ حينما جَاءَ رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن لي جَارِيَة أفأعزل عَنْهَا قَالَ سيأتيها مَا قدر لَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015