يرمون عائشة بالعظائم، ثم منهم من يرميها بالفاحشة التي برأها الله منها وأنزل القرآن في ذلك.
ثم إنهم لفرط جهلهم يدعون في غيرها من نساء الأنبياء، فيزعمون أن امرأة نوح كانت بغيًّا، وأن الابن الذي دعاه نوح لم يكن منه وإنما كان منها، وأن معنى قوله: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} (?) أن هذا الولد من عمل غير صالح. ومنهم من يقرأ: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} (?) يريدون ابنها، ويحتجون بقوله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} (?) ويتأولون قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} (?) على أن امرأة نوح خانته في الفراش وأنها كانت قحبة. وضاهوا في ذلك المنافقين والفاسقين أهل الإفك الذين رموا عائشة بالإفك والفاحشة ثم لم يتوبوا، وفيهم خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أيها الناس من يعذرني من رجل بلغ أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرًا ولقد ذكروا رجلاً والله ما علمت عليه إلا خيرًا» (?) .
ومن المعلوم أن أعظم أنواع الأذى للإنسان أن يكذب على امرأته رجل فيقول: إنها بغي، ويجعل الزوج أنه زوج قحبة، فإن هذا من أعظم ما يشتم به الناس بعضهم بعضًا ... (?) .