فلم يكن فيهم من يقول بقول القدرية النافية، ولا القدرية الجبرية الجهمية.
ولا كان فيهم من يقول بتخليد أحد من أهل القبلة في النار، ولا من يكذب بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، في أهل الكبائر.
ولا من يقول إيمان الفساق كإيمان الأنبياء.
بل ثبت عنهم بالنقول الصحيحة القول بخروج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بشفاعة النبي، وأن إيمان الناس يتفاضل، وأن الإيمان يزيد وينقص.
ولا كان في الصحابة من يقول: إن أبا بكر وعمر وعثمان لم يكونوا أئمة، ولا كانت خلافتهم (?) صحيحة، ولا من يقول: إن خلافتهم ثابتة بالنص، ولا من يقول: إن بعد مقتل عثمان كان غير علي أفضل منه ولا أحق منه بالإمامة.
فهذه القواعد التي اختلف فيها من بعد الصحابة لم يختلفوا فيها بالقول ولا بالخصومات فضلاً عن السيف. ولا قاتل أحد منهم على قاعدة في الإمامة. فقبل علي لم يكن قتال في الإمامة ولا في الولاية.
فمن استقرأ أخبار العالم في جميع الفرق تبين له أنه لم يكن قط طائفة أعظم اتفاقًا على الهدى والرشد وأبعد عن الفتنة والتفرق والاختلاف من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين هم خير الخلق بشهادة الله لهم بذلك إذ يقول:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ