عن شمر الجزيرة: عن شمر الجزيرة قال الشمَاس فرنسيس جبران في رحيله له بعنوان: تطواف في جوار بغداد والَمْدائن: وجميع الزوايا الَوْاقعة على الجانب الشرقي من دجلة من " باوى " إلى مَا وراء " كوت الإمَارة " تسكنها شمر طوقة وتزرعها. وبيوت هؤلاء العشائر في الشتاء خيم منسوجة من شعر الَمْز وهي مظالَمْ وكل مظلة منها مؤلفة من ثلاث أو أربع أو خمس شقاق " شكاك " حسب التمكن وعرض كل شقة ذراع وثلث أو نصف الذراع قل: متر وطولها نحو من نيف وعشرين إلى ثلاثين ذراعاً فيضمون حاشية الشقة الَوْاحدة إلى حاشية الأُخرى ويخيطها الرجال وخيمهم في الصيف من شقاق شوب العوين أَو اللَوْبياء. ومعنى الشوب أَنهم يأُخذون قضبان العوين وسوقها بعد اصفرار ورقها وينقعونها، في الَمْاء مدة سبعة أَو ثمَانية أَيام ثم يرفعونها منه ويخيطونها بالعصي والهراوي ويدقونها بالأخشاب والحجارة دقاً بليغاً إلى أن تصير كالقطن وهذا الَمْدقوق يسمى عندهم بالشوب، ثم تشرع النساء يغزلنه وينسجنه شقاقاً، ثم يخيطها الرجال خيمة فيرفعونها بالأعمدة سقفاً للبيت. روى بعض شويخ شمر طوقة الثقات الإثبات، وأنا جالس بحضرتهم قال: قبل خمسة أو ستة أظهر أَي أجيال كنا في الجانب الغربي من دجلة مع شمر الجرباء البدو، تجمعنا جامعة واحدة وسلبتنا لاتقطع من الَمْوصل والشرقاط إلى سوق الشيخ والقرنة ولأُمور عرضت لأَجدادنا تظاهروا - أي تدابروا - فعبر أجدادنا من عبر دجلة الغربي إلى عبره الشرقي فتخلفت في الَمْعبر الغربي كلبة لنا من كلابنا وكان اسمها طوقة فأَخذت امرأة منا تشيلها قائلة طوقة! طوقة! طوقة! فسمى البدو شمر الجرباء أجدادنا بشمر طوقة، إهانة واستخفافاً بهم وسار هذا الاسم علينا إلى يومنا هذا فأصبحنا قبيلتين أو فصيلتين ولنا عشائر عديدة وقد تعقبه قاسم الدجيلي بقوله: ثم عدَّ من شمر طوقة " الغرير..الزقاريط..الأقرع..السعيد ... الزوبع " والأَصح زوبع " السعود ". أمَا الغرير فقد قال عنهم الحيدري مَا نصه: الغرير من حمير ومن قبائلهم آل شهوان وآل بكر. وأمَا الزقاريط فهم من عبدة، من ولد رجل اسمه " زقروط " بفتح الزاء وإخوته العفاريت والجعفر وغيرهم، وقد ذكرهم القزويني في رسالته قال: " الزقاريط قبيلة من العرب في العراق تنسب إلى شمرٍ ذي الجناح من لهيعة الحميري أبي قبيلة شمر ". وقال: ينكر اليوم شمر الغربيون على شمر طوقة أنهم منهم كمَا ذكره الحيدري في كتابه " عنوان الَمْجد ". وشمر الغربيون من عدة قبائل قال الحيدري الَمْذكور: ومن أجلها " يعني شمر العراق " شمر وهم عدة قبائل منها الخرصة والعمود والصائح - ولهم قرابة مع العبيد - والنجم وأسلَمْ وهم من الصائح والعليان " بتشديد اللام " والبرمج والفداغة وعبدة والغفيلة والعفاريت والزقاريط والزميل، وآل جعفر قوم ابن رشيد شيخ جبل شمر، وحمَائلهم آل محمد من طيء. وقد نبغ في أوائل القرن الثالث عشر من شمر طوقة فارس اشتهر بالفروسية والشجاعة كل الشهرة، وطار صيته في الآفاق اسمه " بْنَيَّة " بإسكان الباء وفتح النون وتشديد الياء الَمْفتوحة وفي الآخر هاء - بن قرينيس الجرباء وقد قتل سنة 1231هـ - 1816م في حرب قامت بينه وبين عقيل والعبيد وخزاعة وعنزة والرولة وحمود بن ثامر من الَمْنتفق وقعت في غربي الفرات وأتى برأسه إلى سعيد باشا بن الَوْزير سليمَان باشا الكبير ودفن في النجف وبني على قبره قبة من القاشاني الأصفر والأبيض والأسود لها بهو كبير بني بالجص والطاباق والقبة في طرف الشمَال الغربي من مقبرة النجف. ثم قال الدجيلي مستدركاً على مقالته: كنا قد كتبنا أسطراً في شأن بنية ابن قرينيس أو قرينيص أو قرينس الجرباء وقلنا أنه من شمر طوقة وكان اعتقادنا كذلك وفي الشهر الَمْاضي ذهبنا إلى زيارة حضرة السيد محمود أفندي النقيب في بغداد فصادفنا الشيخ مجول بن فرحان الجرباء أحد شيوخ شمر الغربيين، والحاج عباس العلي كبير أهل الكوت، ولَمْا استقر بنا الجلَوْس أخذنا نتجاذب أطراف الأحاديث كمَا هي عادة الزائر والَمْزور وبعد هنيهة قال السيد محمود أفندي: إنكم ذكرتم أن بنية من شمر طوقة والصحيح أنه من شمر الغربيين. ثم التفت إلى الشيخ مجول الَمْتقدم ذكره وقال: أليس مَا أقوله صحيح؟ فقال الشيخ مجول: بَلَى، وهو من الَمْحمد ابن أخي فارس الجرباء والد جدي صفوق. وليس اسم أبي بنية جرينس بل