فأُعطين الأمَان، وأُجبن إلى مَا أَردن، فمدت الفرش وهكذا تمكنت جمَاعة فارس من الاستيطان في الجزيرة، والاستقرار فيها، ثم إن فارساً قطع نمَاذج من جميع الأعشاب والحشائش التي تنبت في الجزيرة، وملأ منها زكيبةً وأرسلها مع أعوانه إلى عشيرته في نجد، قاصداً بذلك إخبارهم بأنواع الحشائش الَمْمتازة للرعي، في الأرض التي نزح إليها، حاثا إياهم على اللحاق به، فمَا لبثت عشائر شمر أن لبت طلبه، ورحلت إليه جمَاعات، لا تقل كل جمَاعة منها عن خمسين بيتاً، فتكاثرت شمر، وحدث مَا كان يخشاه رؤساء العبيد وطيء والجبور، فأورث هذا الأمر نزاعاً بين هؤلاء بالاتفاق مع الصايح من جهة وبين شمر من جهة أخرى، على أرض الجزيرة التي نزلَوْها، ونشب قتال دام تسعين يومَا، انتصرت فيه شمر، وأجبرت عشائر الصايح والعبيد وطيء على الجلاء، عن أمَاكنها في الجزيرة، فعبرت الصايح دجلة، متجهة نحو الحويجة، فاتخذتها منازل لها، وانتقلت طيء من مكانها، وجعلت مساكنها غرب سنجار، أمَا الجبور فقد سكنوا منطقة الخابور، وهكذا خلا الجو لشمر في الجزيرة، وتمت لها السيطرة على أطرافها ونواحيها، حتى آل بها الأمر إلى أن تفرض نوعاً من الضرائب يسمى " الخوة " تأخذها من كل عشيرة تنزل منطقتها، واضطر كل من يعبر الجزيرة إلى أدائها صاغراً، وظلت هذه " الخوة " نافذة الَمْفعول، وشملت جميع القرى الَمْجاورة للبادية. ولَمْا تألفت الحكومة العراقية، بدأت قواتها النظامية تكافح هذه " الْخُوَّة " بكل مَا أُوتيت من قوة، إلا أنها لَمْ تتمكن من استئصال شأْفتها وقطع دابرها بالَمْرة. وقد بذلت جهوداً كثيرة لإنشاء مركز حكومي في الجزيرة حتى تم ذلك في السنة الأُولى من تسلَمْى زمَام مديرة الشرطة العامة، كمَا سبق أَن أَلفت في بادية الشامية مثلها قبل ذلك، واستطاعت أَن تمنع الخوة فيها. أَمَا " الْخُوَّة " في حد ذاتها فهي ظريبةس تدفعها العشائر التي تدخل الجزيرة طوعاً أَو كرهاً، وهي مقدار مُعَيّن من الدهن والغنم، يدفع إلى شيخ معين من شَمَّر في كل سنة، وتؤخذ " الخوة " من الَمْستطرق أيضاً، حيث يجب عليه أن يدفع مقداراً من النقود عن كل جمل يمر بالجزيرة، وكذلك في القرى التي تدفع مَا عليها من الحبوب في كل موسم، وتقسم " الخوة " على شيوخ شمر الذين يعرف كل منهم نصيبه منها، فالشيخ الفلاني يأخذ " الخوة " من الحديديين، والآخر من الجبور أو الَمْستطرقين أو من قرى الَمْوصل أو من غنم التجار التي ترسل إلى سورية. وهكذا لا يفلت أحد من أيدي جباة هذه الضريبة. ولَمْ تزل عشائر شمر في تكاثر وازدياد، منذ استيلاء السعوديين على حائل عاصمة ابن الرشيد، حيث هاجر عدد كبير من عشيرة عَبْدَةَ من نجد إلى الجزيرة في العراق ويؤلف هؤلاء الآن القسم الأكبر من شمر عَبْدَةَ. ومن أشهر رؤساء عَبْدَةَ النازحين إلى العراق الشيخ عقاب العجل، رئيس فرقة الأحية من عَبْدَةَ، وسبب نزوحه وهجرته هو عدم اعتراف شمر بشيخ أو زعيم في حائل إلا إذا كان من آل الرشيد. هذا، وأغلب عشائر منطقة حائل عاصمة ابن الرشيد القديمة من شمر، في الَوْقت الحاضر. قال أبو عبد الرحمن: لي على هذه النصوص تتميمَات واستدراكات على هذا النحو: أُعطين الأمَان، وأُجبن إلى مَا أَردن، فمدت الفرش وهكذا تمكنت جمَاعة فارس من الاستيطان في الجزيرة، والاستقرار فيها، ثم إن فارساً قطع نمَاذج من جميع الأعشاب والحشائش التي تنبت في الجزيرة، وملأ منها زكيبةً وأرسلها مع أعوانه إلى عشيرته في نجد، قاصداً بذلك إخبارهم بأنواع الحشائش الَمْمتازة للرعي، في الأرض التي نزح إليها، حاثا إياهم على اللحاق به، فمَا لبثت عشائر شمر أن لبت طلبه، ورحلت إليه جمَاعات، لا تقل كل جمَاعة منها عن خمسين بيتاً، فتكاثرت شمر، وحدث مَا كان يخشاه رؤساء العبيد وطيء والجبور، فأورث هذا الأمر نزاعاً بين هؤلاء بالاتفاق مع الصايح من جهة وبين شمر من جهة أخرى، على أرض الجزيرة التي نزلَوْها، ونشب قتال دام تسعين يومَا، انتصرت فيه شمر، وأجبرت عشائر الصايح والعبيد وطيء على الجلاء، عن أمَاكنها في الجزيرة، فعبرت الصايح دجلة، متجهة نحو الحويجة، فاتخذتها منازل لها، وانتقلت طيء من مكانها، وجعلت مساكنها غرب سنجار، أمَا الجبور فقد سكنوا منطقة الخابور، وهكذا خلا الجو لشمر في الجزيرة، وتمت لها السيطرة على أطرافها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015