وآل الجرباء هم زعمَاء شمر ورؤساء الجبل، وأبعد ذكر لهم وجدته عن وفاة اثنين منهم عام 1100هـ وعام 1103هـ وقد رحلَوْا من نجد عام 1205هـ بعد هزيمتهم أمَام ابن سعود فبنوا زعامتهم في العراق وسوريا. قال حسين خزعل: وكانت الرئاسة العامة لشمر في اُسرة الجرباء من بطن سِنْجَارة، وقد أجلاهم الأمير سعود ابن عبد العزيز عن ديارهم عام 1205هـ بعد أن نازلهم قرب مدينة حائل وقتل مصلط بن مطلق. وسار مطلق من جبل شمر إلى العراق وبر الشام، ورافق أحمد باشا الجزار إلى الحج، ثم أقام في بادية السمَاوة من العراق. أمَا عن رحيل آل الجرباء فيذكر عباس العزاوي أن آل محمد الجرباء أُمراء شمر برئاسة فارس الجرباء مَالَوْا إلى العراق في أوائل القرن الثالث عشر الهجري. ويزيدنا يوسف البسام تفصيلاً فيقول: ويعرف رؤساء شمر السابقون بآل محمد وآخرهم فارس الجرباء وقد لقب بالجرباء نسبة لأُمه التي ابتليت بمرض الجدري، واصبحت جرباء على أثر هذا الَمْرض. وعلى عهد الأمير محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى وابنه الإمَام عبد العزيز نزح فارس الجرباء من جبل شمر واستوطن بادية الجزيرة في العراق بين دجلة والفرات، وذلك بعد أن انقطعت الأمطار مدة طويلة وأجدبت الأرض. وعلى أثر نزوح فارس الجرباء تبعه الكثير من شمر واستقروا في العراق ولا يزالَوْن حتى الآن وتولى أمر جبل شمر آل علي. وذكر عبد الجبار الراوي أن نجداً أصابها محل، فاضطر شيخ عشيرة شمر فارس إلى الهجرة مع أربعين بيتاً من قومه، طلباً للَمْرعى، حتى وصل إلى جزيرة العراق، فنزل جاراً على عشائر العبيد، ثم ذكر قصة شبه خرافية، لا سيمَا مَا يتعلق برثاثة شمر في حين أنه من الَمْعروف عند أهل نجد شهرة قبائل الشمَال - وبالأخص الشمَامرة - باللباس الأنيق والَمْظهر الباذخ. وذكر في موضع آخر أن أول من رحل من نجد إلى الجزيرة في العراق هو فارس الجرباء، وأنه الرئيس الأول لآل محمد ثم ذكر بنيه وأحفاده. وذكر أن فارساً لقب بالجرباء نسبة إلى أُمه، التي ابتليت بالجدري، فسميت به وإن كانت قد شفيت من هذا الَمْرض. قال أبو عبد الرحمن: ولا بأس من سياق هذه القصة التي أوردها الراوي. قال: أصاب نجداً محل، اضطر شيخ عشيرة شمر حينئذ فارساً إلى الهجرة مع أربعين بيتاً من بيوت الشعر، طلباً للَمْرعى، ومضى سائراً حتى بلغ الجزيرة، فنزل قصيراً " أي مجاوراً " على عشائر العبيد، التي أضافته، وأولَمْت له وليمة كبيرة دعت إليها رئيس عشائر طيء والجبور، وكان الَمْهاجرون من شمر في ثياب رثة، يعلَوْها الَوْسخ، بحيث اشمَازَّ الَمْدعوون منها فتناولَوْا الطعام على كره منهم، وقد خُيِّل إليهم أن هؤلاء الَمْهاجرين هم من عشيرتي صُلُبة، أو هُتيم اللتين يعدهمَا البدو من العشائر الحقيرة، ولَمْا شعر فارس شيخ شمر بمَا بدا على وجوه رؤساء العبيد وطيء والجبور، من الاشمئزاز، أراد أن يثبت لَمْضيفيه أنه هو وعشيرته من النبل والكرم بحيث يضرب بهمَا الَمْثل، فقرر أن يقابل الَوْليمة بمثلها، ودعا رؤساء العبيد وطيء والجبور، لتناول الطعام عنده، إلا أن هؤلاء ترددوا في قبول الدعوة، اعتقاداً منهم بأن هؤلاء ليسوا أهلاً لإجابه دعوتهم، وحضور وليمتهم، ولكنهم بعد لأْيٍ أجابوا الدعوه على مضض، فرأوا الَمْناسف - جمع منسف وهو مَا يوضع فيه الطعام - وقد ملئت بالطعام واللحم، إذ نحر لهم جُزُرَا، وكانت الَمْناسف من الضخامة بحيث علقت بها السكاكين لتساعد كبار السن على تقطيع اللحوم. وضخامة الَمْناسف تدل عند البدو دلالة قاطعةً على عظمة صاحبها، ولذلك حسبوا لهؤلاء النازلين ألف حساب، خوفاً على أنفسهم، لاعتقادهم أن وراء هذه الَمْناسف عشائر كبيرة العدد، فقرروا أن يغتالَوْا فارساً وجمَاعته قبل أن تصل إليه عشائره. كانت وليمة الشيخ فارس باعثةً للشيوخ الثلاثة على التآمر لقتل فارس ورهطه، كمَا أسلفنا، إلا أن فارساً شعر بالَمْؤامرة، فطلب من نسائه أن يخلعن حليهن، ويقدمنه إلى نساء الرؤساء الثلاثة هدية، على أن يتوسطن عند أزواجهن للحيلَوْلة دون الفتك به وبأعوانه، فلبين الطلب، ووعدنهن خيراً، فلَمْا أقبل الليل لَمْ تفرش نساء زعمَاء عبيد وطيء والجبور الفرش - وهي عند العرب علامة يستدل منها الرجال على حدوث أُمور خطيرة -، فسئلن عن السبب، فطلبن الأمَان للَمْهاجرين