قال أبو عبد الرحمن: يفهم من هذا النص أن رحيل عَبْدَةَ من الجنوب إلى جبل طيء في الشمَال كان في حدود القرن العاشر وهكذا يفهم من نص للشيخ العبودي سيأتي. ويفهم من نص لابن حاتم - سيأتي - أن رحيلهم في منتصف القرن التاسع. ولَوْ استطعنا أن نصل نسب عرار بن شهوان بن صيغم بضيغم بن منيف الذي ذكره ابن رسول لاستطعنا تحديد التاريخ لرحيلهم بشكل أدق. ولَوْ افترضنا أن عراراً هو عرار بن شهوان بن منصور بن ضيغم بن منيف لكان رحيلهم في أول القرن الثامن الهجري تقريباً، لأن ابن رسول الَمْتوفي سنة 694 ذكر أن ذرية منيف ابن ضيغم لا تزال في الجنوب وعلى ضوء ذلك نجعل عصر كل فرد من سلسلة النسب منذ عرار إلى منيف ثلاثين عامَا ونضم الناتج إلى سبعة قرون توفى ابن رسول في نهايتها. وعن رحيلهم ذكر الشيخ سعد بن جُنَيْدِل قصيدةً لفارس ابن شهوان الضيغمي، ذكر أنه رسم طريق ارتحال قبيلته من بلادهم إلى نجد، ورتب منازل طريقهم ترتيباً دقيقا قال فيها يذكر الْقُوَيْع:
وْلَيْلٍ في السِّرْدَاحْ لاعَلّهَ الْحَيَا ... هشِيْمِه وَقِّاف وْحَمْضِهْ بَادْ
وْوَطَّيْتهَا وَادي الْقُوَيْع تَعمِّدْ ... تَمَنَّيْتهَا لَوْلا الْهَيَامِ بْلادْ
ولَيْلٍ بَالْحَدْبَا لاَعِمِرْ جَالْهَا ... شَدَّوْا وْخَلَوْا في الَمْرَاحْ سُوَادْ
وقال في موضع آخر: وقال شاعر من الضياغم وهو يرسم طريق هجرتهم:
ليل في الْقِمْرا ولَيْلٍ في الرَّكَا ... ولَيْلٍ في حَزْمَ الْحَصَاةِ شْدَادْ
ولَيْلَةْ وَرَدْنَا مَاسَل وْمِوَيْسِلْ ... وْجِيْهَ الَمْغَارِفْ كِنِّهِنّ جْدَاد
ثم ذكر بعد هذين البيتين ثلاثة الأبيات الآنفة الذكر وذكر في موضع آخر أنهمَا لفارس بنم شهوان الضيغمي وقد مر به قومه في طريق هجرتهم إلى شمَال نجد. وذكر شيخنا حمد الجاسر مؤلفاً حديثاُ - ولَمْ يذكر اسمه ولا اسم مؤلفه - تحدث عن نجائب من الخيل تدعى الُّهْمَ الشهوانيات. قال الشيخ حمد: جاء في هذا الَمْؤلف: شهوان عبيدة أي من قحطان وسميت باسم راعيها شهوان أبو عرار أخو راشد عم عمير. ثم قال: وأورد أخباراً عن هذه الخيل وشعراً لشهوان أبو عرار جاء فيه:
لَنا مَنْزل مَا بَيْنَ الافْلاج والْحَسَا ... ومَا بَيْنَ صنْعا والسّليل وحود
إلى حَوْدَرُوا يَبْغُونَ الاَسْعَار بالقرى ... حَدَرْنَا على مِثْلَ الْغمَامَ السوْدْ
كبار الشُّوادِي مَيرنَا منْ زْرُوْعها ... غَرَايْرٍ بلا حَطَبْ ولا وُقوْد
إالى حافها سبع الخلا بات جايع ... بباطنها مثل النسور لبود
تمنيب من حطمَات الليالي لعلنا ... ندرك بعض يا أبو ربيع حمود
ان صار مَالك من دراعيك نجده ... فشر بك باعضاد الرجال يكود
وقال الشيخ حمد: إنه أورد أشهاراً لعرار بن شهوان وأخباراً تتعلق بخيله. وذكر الشيخ محمد العبودي معركة بين آل ضيغم وسلطان مَارد، قتل فيها حُميدان بن راشد بن ضيغم، ابن عم عرار ابن شهوان، وسلطان مَارد معاً. وقال في ذلك عمير بن راشد قصيدة مطلعها:
تَهَيَّا لْنَا عِنْدَ أبْرَقَ السَّيْحْ عَرْكَةْ ... تَمَنَّى بْهَا حضارَ الرجال غيَابْ
وحدد عصر هذا الشعر بأنه بعد عصر الشاعر جرير بحوالي تسعة قرون. ويذكر الأستاذ عبد الله بن خالد الحاتم أن عرار بن شهوان آل ضيغم جد آل رشيد أُمراء حائل وأنه عاش سنة 850هـ. وذكر له قصيدة يتشوق فيها إلى نجد، ويفهم منها أن ابن عمه عمير بن راشد موجود بنجد، فممَا ورد من هذه القصيدة قوله:
يقول عرارٍ قول من ضَلّ مُوْقِف ... عَلى الدار يَرْثِي بالدموعَ الذِّرَايف
قَلِيْلَ الجداَ منْ دِمْنِه هدّ رَسْمَهْ ... مَزاعِيج هُوْجَ الذَّارْيَاتَ الْعواصِفْ
لَكِنّي بْها مَا ريْتْ خِيمْ ظلايلْ ... مَحَتْهَا صروفٍ للْعَوادِي قَرَايف
إلى أن قال:
فَلاَ وَاعَلاَ لَوْلاَ التَّمَنِّي سمَاجهْ ... أَوْقَف بنَجْد آمن غير خايف