ولذا بذل الاستعمار وأعوانه - وما زالوا - محاولاتهم لصرف الأمة عن تراثها ونبذه وراء ظهرها، تمهيدا لهدم هذا الصرح العظيم إيذانا بضياع هذه الأمة.

وقد منيت هذه الثروة بنكبات وكوارث وعواد عبر العصور أتت على مئات الآلاف بل الملايين منها تلفا وإحراقا وضياعا.

ومن منا لا يتذكر حادثة هولاكو وجنوده الذين صنعوا من الكتب جسرا يعبرون عليه نهر دجلة.

هذا إلى جانب ما أحرقه الصليبيون - أحرقهم الله - في حملاتهم المسعورة على البلاد الإسلامية، فقد قدر بعض المؤرخين ما أتلفه الصليبيون في طرابلس وحدها بثلاثة ملايين مجلد.

هذا بالإضافة إلى ما نهب وسرق من قبل المستشرقين والدول الاستعمارية في العصور الأخيرة.

وحسبنا في تقدير ما أصاب تراثنا المخطوط من تلف وضياع أننا نفتقد اليوم أسماء قدر كبير من المؤلفات القيمة التي تطالعنا أسمائها في تراجم العلماء والأدباء، وفي المصادر التي تعنى برصد حركة التأليف: كالفهرست لابن النديم، وكشف الظنون وذيوله، ومفتاح دار السعادة، وكتب برامج العلماء، حيث لا نقف في هذه المصادر إلا على مجرد الاسم فقط ولا نجد له أثرا في الواقع بعد البحث والتحري في مظانها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015