117 - (428) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيَنْتَهِينَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِى الصَّلَاةِ، أَوْ لا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ ".
118 - (429) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثنِى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وذكر فى الحديث النهى عن رفع البصر إلى السماء فى الدعاء فى الصلاة والوعيد فى ذلك، وهذا بخلاف الدعاء فى غير الصلاة؛ لأن حكم الصلاة استقبال القبلة والانتصاب إليها وترك الالتفات والنظر إلى جهة، وفى رفع البصر إلى السماء إعراض عن القبلة، وخروج عن هيئة الصلاة، وقد حكى بعض العلماء الإجماع على النهى عن ذلك فى الصلاة [وقد حكى الطبرى كراهة رفع البصر فى الدعاء إلى السماء] (?) فى غير الصلاة، وحكى عن شريح (?) أنه قال لمن رآه فعله: اكفف يديك، واخفض بصرك، فإنك لن تراه ولن تناله، وقال غيره ممن أجازه - وهم الأكثرون -: إن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة، فلا ينكر رفع [الأبصار والأيدى] (?)، إلى جهتها، قال الله تعالى: {وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدونَ} (?).
وقوله: " أما يخشى الذى يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار " وفى الرواية الأخرى: " وجهه " وفى الأخرى: " صورته " (?) وكل بمعنى؛ لأن الوجه فى الرأس ومعظم الصورة فى الوجه، فيه وعيدٌ وتحذير من أخذ الله تعالى له ومسخه إياه، وقلبه صورته بصورة الحمار الذى هو غاية فى البلادة، وإليه تنتهى ضرب المثل فى الجهل والبلادة، وهذا لما عكس حكم الصلاة ومعنى الإمامة والتقديم والاقتداء، وصير نفسه بذاته إمامًا جاء بغاية المناقضة والمضادة التى لا يفعلها إِلا المنتهى فى الجهالة كالحمار، فيخشى أن الله يقلبه فى الصورة التى اتصف بمعناها.