وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَه، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيامًا، فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فى الإسماع صح الاقتداء به لأنه يصير حينئذ من اقتدى به اقتدى بالإمام [لأنه عن إذنه] (?). وحَديث [أبى بكر من الطريقين الذى ذكرنا] (?) حجة لمن أجازه، وقد ذكر مسلم بعد هذا أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فى حديث آخر لأصحابه: " تقدموا فأتموا بى وليأتم بكم من بعدكم " (?) الحديث، فأجاز الائتمام بمن ائتم به، ولا فرق بين الاقتداء بالفاعل والقائل. وقد بوّب النسائى (?) على هذا الحديث والائتمام بمن ائتم بالإمام كما بوب البخارى (?) أيضاً على هذا الحديث الذى قدمناه: باب من أسمع الناس [تكبير الإمام] (?).
قال القاضى: وكذلك اختلفوا فى صلاة المكبر نفسه هل تصح أو تعضد أو يحتاج فيها إلى إذن الإمام، وقيل: إنما يجوز هذا فى مثل الأعياد والجنائز وغير الفرائض التى يجتمع لها الناس، وقيل: يجوز هذا وفى الجمعات لضرورات كثرة الجموع، وقيل: إنما يجوز إذا كان ذلك بصوت وطى غير متكلف، فإن تكلف أفسد على نفسه وعلى من ائتم به.
وفى هذا الحديث إمامته بهم - عليه السلام - فى بيته كما تقدم، وجواز صلاة الفرض فى جماعة فى المنازل، وذلك أنه لم يستطع الخروج لعذر ولا يمكن التقدم عليه، فصلى بهم وصلى الناس وراءه فى منزله، والظاهر أن من فى المسجد صلى بصلاته لكون منزله فى المسجد. وفيه جواز صلاة الإمام أرْفَع مما عليه أصحابه إذا كانت معه جماعة هناك؛ لقوله فى بعض طرق هذا الحديث: " فى مشربة له " وهى الغرفة (?)، وقد روى عن مالك، وحمله شيوخنا على تفسير ما وقع له من الكراهة مجملاً، وإن منعه من ذلك [إنما هو لمن يفعله] (?) تكبرًا، وهو ضد ما وضعت له الصلاة من التواضع والسكينة؛ ولذلك قال: لأن هؤلاء يعبثون.
وقوله: " فالتفت إلينا فرآنا قِيامًا فأشار إلينا فقعدنا (?) ": فيه أن الالتفات فى الصلاة غير مفسد لها وإن كان مكروهًا فيها، واختلاسًا من الشيطان منها، كما جاء فى الحديث.