تَمَامُهُ، كَانَ أَوَّلُ مَنْ يُصِيبُهُ نَفْعُ ذَلِكَ إِيَّاىَ خَاصَّةً، قَبْلَ غَيْرِى مِنَ النَّاسِ، لأسْبَابٍ كَثِيرَةٍ، يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْوصْفُ، إلا أَنَّ جُمْلَةَ ذلِكَ أَنَّ ضَبْطَ الْقَلِيلِ مِنْ هَذَا الشَّأنِ وَإِتْقَانَهُ، أَيْسَرُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُعَالَجَةِ الْكَثِيرِ مِنْهُ، وَلا سِيَّمَا عند مَنْ لا تمييز عِنْدَهُ مِنَ الْعَوَامِّ، إِلا بِأَنْ يُوَقِّفَهُ عَلَىَ التَّمْيِيزِ غَيْرُهُ، فَإِذَا كَانَ الأَمْرُ فِى هَذَا كَمَا وَصَفْنَا، فَالْقَصْدُ مِنْهُ إِلَى الصَّحِيحِ الْقَلِيلِ، أَوْلَى بِهِمْ مِنَ ازْدِيَادِ السَّقيِم.

وَإِنَّمَا يُرْجَى بَعْضُ الْمنْفَعةِ فِى الاسْتِكْثَارِ مِنْ هذَا الشَّأنِ وَجَمْعِ الْمُكَرَّرَاتِ مِنْهُ لِخَاصَّةٍ مِنَ النَّاسِ، مِمَّنْ رُزِقَ فِيهِ بَعْضَ التَّيَقُّظِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِأَسْبَابِهِ وَعِلَلِهِ، فَذَلِكَ إنْ شَاءَ اللهُ، يَهجُمُ بِمَا أُوتِىَ مِنْ ذلِكَ عَلَى الْفَائِدَةِ فِى الاسْتِكْثَارِ منْ جَمْعِهِ، فَأَمَّا عَوَامُّ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ بِخِلافِ مَعَانِى الْخَاصِّ، مِنْ أَهْلِ التَّيَقُّظِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَلا مَعْنَى لَهُمْ فِى طَلَبِ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال القاضى: قد جاء هذا اللفظ فى الكتاب من كلام أمّ سلمة فى كتاب الجنائز قالت: " ثُمَّ عَزَم الله لى فقلتُها " (?). أصل العزم: القُوَّة، ويكون بمعنى [الصبر] (?)، وتوطين النفس وحملها على الشىء، والمعنى متقارب، ومنه قوله [عز وجل] (?): {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (?) وقوله قبل: " سألتنى تَجشُّمَ ذلك " أى: تكَلَّفَه والتزم مشقته.

وقوله: " وذلك إن شاء الله ينهجمُ بما أوتى من ذلك على الفائدة " ويروى تَهجُمُ (?) ومعناها: يقع عليها ويبلُغُ إليها، [وينال بغيته منها] (?)، يقال: هجمت على القوم: إذا دخلت عليهم. قال ابن دريد (?): [يقال] (?): انهجم الخباء إذا وقع [عليهم] (?) وهجمت ما فى خِلفِ الناقة: إذا استقصيت حلبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015