43 - (...) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - واللَّفْظُ لِعَمْرو - قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا ابْنَ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ؛ قَالَ: قَالَ أَبُو هرَيْرَةَ: فِى كُلِّ الصَّلَاةَ يَقْرأُ، فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَعْناكُمْ، وَمَا أَخْفَى مِنَّا أَخْفَيْنَا مِنْكُمْ، فقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنْ لَمْ أَزِدْ عَلَى أُمِّ القُرْآنِ؟ فَقَالَ: إِنْ زِدْتَ عَلَيْهَا فَهُوْ خَيْرٌ، وَإِنِ انْتَهَيْتَ إِلَيْهَا أَجْزَأَتْ عَنْكَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الشيطان ويوقظ الوسْنان، كما قال عمر - رضى الله عنه - فالمغرب والعشاء وقت انتشار الشياطين وتسلُّطُهم، وقد أخبر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك وأمر بكف الصبيان حينئذ (?)، والصبح حين تسلُّط الشيطان على النائمين وعقد عُقَدِه بالنوم على قوافيهم (?)، فكان الجهر بالقراءة فى هذه المواطنِ إبعادًا له وطردًا عن المصلِّين وعن قُوَّام الليل، وأخْلى لِسِرِّهم من وسوسته وشغلهم أسماعهم وقلوبهم بالقراءة، وأمر الإمام فيها بالجهر والناس بالإنصات له؛ لفراغ بالهم، وانقضاء أشغالهم؛ ليتدبَّروا ما يتلى عليهم، ثم فى الجهر بالقراءة - أيضًا - إيقاظ لمن عساه يسمع قراءتهم من قُوام الليل، أو ممن له عادةٌ بالقيام فيقوم لذلك وينشط للصلاةِ؛ ولأن فى رفع الصوت بالقراءة طرد النوم عن المصلى نفسِهِ، أو من يُصلى بصلاته، أو من غلبته عينه قبل أداء فرضه، أو لانتظار جماعة، وأمِن هذان الوجهان بالنهار لكون الناس مستيقظين، مراعين أوقات صلواتهم، متأهبين لها، وأنه ليس حين انتشار الشياطين، فاقتصر فيها على قراءة السِرِّ فى وقتها - وستأتى بقيةُ هذا الباب فى موضعه.

قال: وجُهِرَ فى الجُمعةِ والأعيادِ والاستسقاء من صلاة النهار لأنها أعيادٌ ومجامعٌ يُنجلبُ إليها من الجهات، وفيهم الأعراب والجهَلةُ فجُهِر لهم بالقراءة ليُتلى عليهم القرآن، ويسمعوا مواعظه، ويتعلموا أحكامه. ولما كانت صلاة النهار تأتى والناس فى أشغالهم، ومعايشهم، واشتغال بالهم بذلك، كانت القراءة [لجميعهم] (?) أولى لحفظ صلاتهم، وشغلهم بها، وتفريغ بالهم لتدبّرها، لتشويش خواطِرِهم بأشغالهم التى هم فيها عن الإنصات لقراءة الإمام وتدبُّرِ ما يتلو، ولم يكن لجهر الإمام بالقراءة معنىً فألزم جميعهم قراءة السرِّ.

وقوله للذى قال له: لم أزد على أم القرآن: " إن زدت عليها فهو خير لك، وإن انتهيت إليها أجزأت عنك ": أما القراءة فى الصبح والجمعة والأولين من سائر الصلوات فسورة بعد أم القرآن أو ببعض سورة، ولا خلاف فى شرع ذلك أعلمه، ثم اختلف فى حكمها عندنا، هل قراءتها سنةً أو مستحبٌ؟ وخَرج قول ثالثٌ الوجوبُ، وأما قراءتها فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015