عَبْدِى. وَإِذَا قَالَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: مَجَّدَنِى عَبْدِى - وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إلَىَّ عَبْدِى - فإذَا قَالَ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قَالَ: هَذَا بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: " مجدنى عبدى " عند قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}: أى عظَّمنى، والمجد نهاية الشرف. والفرق بين " حمدنى " و " أثنى علىَّ " و " مجدنى " بيِّنٌ؛ لأن " مجَّد " يقتضى الثناء بصفات الجلال، و " حمد " يقتضى الثناء بحميد الفِعال، و " أثنى " يجمع ذلك كله، وينطلق على الوجهين؛ فلهذا جاء جوابًا لقوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لاشتمال هذين الاسمين على صفاته الذاتية من الرحمة، والفعلية من الإنعام على خلقه. واختصاص اسم الرحمن به على قول أئمتنا وعمومه وصفتهِ (?) لا يوصف بها غيره، وهذه نهاية العظمة والجلال، والرحيم عائد برحمته على عباده وخلقِه المؤمنين خاصةً على قول بعضهم.

وقوله: " وربما قال فوَّض إلىَّ عبدى " ومطابقة هذا لقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} لأنه تعالى المنفرد ذلك اليوم بالملك وبجزاء العباد ومحاسبتهم فيه. والدين: الحسابُ، وقيل: الجزاء، فهو المَلِكُ فيه دون دعوى غيره، وإن كان منفرداً على الحقيقة به فى الدنيا والآخرة لا مالك ولا ملك سواه، والكلُّ مربوبٌ له، عبد مسخر، وذلك اليوم لا ندَّعِى للملك [غيره] (?) كما قال: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّه} (?). وفى هذا الاعتراف من التعظيم والتمجيد ما لا يخفى، ومن تفويض أمور الدنيا والآخرة إليه ما هو الحق الذى لا مرية فيه.

وقوله: " فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ...} إلى آخر السورة، فهذا لعبدى ": كذا فى الأم، وعند غيره من رواية مالك وغيره: " فهؤلاء لعبدى " (?)، فيه دليل أنها آيات، وأن قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم} (?) آية، وهو عند البصريين والشاميين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015