حَتَّى لا يَسْمَعَ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ ".
17 - (...) حدّثنى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الوَاسِطِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ اللهِ - عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدَبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حُصَاصٌ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أقبل عليه.
وقوله: "وله حُصاصٌ " بمعنى قوله فى الحديث الآخر: " وله ضُراطٌ " وقد قيل: الحُصاص شدةُ العَدْوِ، قالهما أبو عبيد (?)، وقال عاصم بن أبى النجود: إذا صَرَّ بأذنيه ومصَعَ بذَنَبِه وعدا فذلك الحُصاص (?). وهذا يصح حمله على ظاهِرهِ، إذ هو جسم مُتغذ يصح منه خروج الريح، وقيل. يحتمل أنها عبارة واستعارةٌ عن شدة الخوف والنفار كما يعترى الحمارَ.
وهروب الشيطان عن النداء لعظيم أمره عِندَه، وذلك - والله أعلم - لما اشتمل عليه من الدعاء بالتوحيد، وإظهار شعار الإسلام، وإعلان أمره كما فَعَل يوم عرفة، لما رأى من اجتماع عباد الله على إظهار الإيمان، وما ينزل عليهم من الرحمة (?)، وقيل: إنما يَبْعُد لئلا يسمع تشهد ابن آدم فيشهد له بذلك - كما جاء فى الحديث: " لا يسمع مدى صوته جنٌ ولا أنسٌ ولا شىء إِلا شهد له يوم القيامة " (?) وقيل: هذا عمومٌ المراد به الخصوص، وأن ذلك فى المؤمنين من الجن والإنس، وأما الكافِر فلا شهادة له، وهذا لا يُسلَّمُ لقائله لما جاء فى الآثار من خلافِه، وقيل [أيضًا: إن] (?) هذا ممن يصحّ منه الشهادة ممن يسمع، وقيل: هى عامةٌ فيمن يسمع وفيمن لا يسمع من جماد، وأن الله تعالى يخلق لها حينئذ ولمن لا يسمع [ممن لا يعقل] (?) من الحيوانات إدراكًا لأذانه وعقلاً ومعرفةً لما يشهدُ به، فهو على كل شىء قدير. وإلى معنى هذا ذهب ابنُ عمر لقوله للمؤذن: " يشهد لك كل رطبٍ ويابسٍ " (?).