. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والأول هو الصحيح، لأن إقامة السنن الظاهرة واجبٌ على الجملة حتى لو تَرك ذلك أهلُ بلدٍ لجُوهدوا حتى يقيمُوها. وقال أبو عمر بن عبد البر: لم يختلفوا أن الأذان واجبٌ فى الجملة على أهلِ المِصرِ لأنه شعار الإسلام، قال بعضُ شيوخنا: أَمَّا لهذا الوجه ففرض على الكفاية، وهو أكثر مقصود الأذان، إذ كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا غزا فإن سَمِعَ أذاناً أمسَكَ وإلا أغار، فإذا قام به على هذا واحدٌ فى المصرِ وظهر الشعار، سقط الوجوبُ وبقى المعنى الثانى بتعريف الأوقات، وهو المحكىُّ الخلافُ فيه عن الأئمة والذى اختلف لفظ مالك وبعض أصحابه فى إطلاق الوجوب عليه، فقيل: معناه: وجوبُ السُنن المؤكدة - كما جاء فى الجمعة والوتر وغيرهما. وقيل: هو على ظاهره من الوجوب على الكفاية، إذ معرفة الأوقات فرض وليس كل أحدٍ يقدر على مراعاتها، فقام به بعض الناس عن بعض، وتأوَّل هذا قول الآخرين سُنَّةٌ، أى ليس من شرط صحة الصلاة كقولهم فى ستر العورة وإزالة النجاسة (?).

واختصاصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالاً وعدوله عن ابن زيد [الذى] (?) رأى الرؤيا، وقد كان رغبَ فى أن يؤذنَ هو على ما جاء فى المصنفات للعلة التى ذكرها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى قوله: " فإنه أندى منك صوتاً " قيل: أرفع، ويحتمل أن يكون معناه: أحسنُ، وفى بعض الروايات: " إنَّك فظيع الصوت " (?)، ففيه أنَّه يختار للأذان أصحاب الأصوات النَّدِية المستحسنة، ويكره من ذلك ما فيها غلظٌ وفظاعةٌ، أو تكلفٌ وزيادةٌ، ولذلك قال عمرُ بن عبد العزيز: " أذِّن أذاناً سمحاً، وإلا فاعتزلنا " (?)، وروى عن الأنصار أن عبد الله بن زيد كان يومئذٍ مريضاً، ولولا ذلك لجعله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذناً (?)، وهذا منهم تأويل وإلا فقد أبان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِلة، وقد جعل ابنَ زيدٍ يُقيم بقوله: " أقم أنت ... " فى الحديث الآخر، وجاء فى غير الأَمِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015