عَبْدِ اللهِ - وَاللفْظُ لهُ - قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِى نَافِعٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فى الجاهلية أن أعتكف يوماً فى المسجِد الحرام " (?)، وفى إسلام أبى ذرٍ وأنه صلى قبل المبعث بثلاث سنين مع صواحبه، وأنه كان يتوجه عشاءً حيث يوجِّهه الله (?).
ومن طالع أخبارهم ودرس أشعارهم علم ذلك منهم ضرورة، فجاء الشرع بالأمر بهذه العبادات، وهى عندهم معلومةٌ مفهوم المراد منها، من أنَّ الصوم: إمساك مخصوص على أفعالٍ مخصوصةٍ بالنهار دون الليل، والاعتكاف: لزوم للتعبد والتبرُّز بمكان مخصوص، والحج: قصد مخصوص لبيت الله الحرام يشتمل على وقوف بعرفة وطواف بالبيت ودعاء وذكر وتبرُّر، وأن الصدقة: بذل المال للمحتاج، ثم سميت زكاةً لما فيها من زكاة المال ونمائه، أو زكاة صاحبه وتطهيره، كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} (?)، فإن لم تجد تسمية الزكاة الشرعية قبل معروفةً فالصدقة معروفةٌ، وقد قال الأعشى فى مدحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
له صدقاتٌ ما تَغِبُّ ونائِلُ
ومع هذا التقرير فلا مجال للخلاف مع الإنصاف، وقد طالعت بهذا الرأى أهل التحقيق من شيوخى فما رأيت منهم مُنْصِفاً ردَّه.
ثم اختلف الأصوليون والفقهاء من أصحابنا وغيرهم فى ورود هذه الأوامر بهذه الألفاظ الشرعية كقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاة} (?) و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام} (?)، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْت} (?)، {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (?)، فقيل: هى مجملة تحتاج إلى بيان، وقيل: هى عامةٌ تحملُ على العموم إِلا ما خصَّ منها الدليل، وقيل: تحمل على أصل ما يتناوله اللفظ، واستقصاء هذا فى علم الأصول (?).