62 - (333) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِى حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلا أَطهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقَالَ: " لا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِى الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " إنما ذلك عِرْقٌ ": دليل لنا على العراقيين فى أن الدم السائل من الجَسدِ، من فَصْدٍ وغيره، لاينقض الطهارة لقوله: " فاغسلى عنك الدّم وصلى "، وهذا أوضَحُ ما روى فى هذا الحديث، وهو قول عامة الفقهاء (?).
وقوله فى المستحاضة: " إذا أقبلت الحيْضَةُ فدَعى الصلاة ": اختلفت روايات أحاديث المستحاضةِ وألفاظها، وبيان ذلك يحتاج إلى بَسْط لا يتمكن هاهنا، واختلف أهل العلم فى المرأة إذا تمادى بها الدمُ بعد زمان الحيض، فأما مالك فقال: لا تزال بحكم الطاهر حتى يتغير الدمُ ويرجع إلى حال دَم الحيض فتترك الصلاة حينئذٍ - على تفصيلٍ فى المذهب هو مذكور فى كتب الفِقه. وقال المخالف (?): إذا أتت أيام عادتها فى الصحة تركت الصلاة وإن لم يتغير الدم، وتعلق بظاهر هذا الحديث وبحديثٍ آخر هو أظهر منه، وهو قوله فى طريق آخر: " امكُثى قدر ما كانت تحبسُك حيضَتُكِ ثم اغتسلى "، وقال بعضهم: إذا جهلت أيامَ عادتها فى مقدارها ومَحلّها من الشهر فإنها تغتسل لكل صلاة وتصلى؛ لجواز أن تكون تلك الصلاة صادفت انقضاء حيضتها المعتادة، وتصوم رمضانَ وشهراً آخَرَ بعدَهُ؛ لجواز أن تكون فى كل يوم من أيام رمضان صادفت أيام حيضتها المعتادة، وإن كانت حاجَّةٍ طافت للإفاضةِ طوافين بينهما خمسة عشر يوماً.
قال القاضى: وقوله: " فإذا أقبلت الحيضَةُ فدعى الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلى الدم عنكِ ثم صلى ": يُريد هُنا بالحيضةِ دَم الحيضة المعتادةِ، المخالف لدم الاستحاضةِ فى اللون