كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قالت: فغسل سائر جسده ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيتُه بالمنديل فرده] (?).
وقولها: " ثم أفاض على سائر جسده "، قال الإمام: هذا ومثله مما يحتج به الشافعى فى أن التدلك فى الطهارة ليس بواجب، والمشهور من مذهبنا وجوبُه، ووقع لبعض أصحاب مالك ما يَدل على أن التدلك مستحبٌّ عندَه (?).
قال القاضى: وقد تقدم هذا، ولا حجة للمخالف بهذا الحديث لأنا نقطعُ أن فى الجسد مغابنَ لا يصل الماء بإفاضته إليها، فلا بد من توصيله باليد أو غيرها فخرج الحديث عن ظاهره.
وقولها: " ثم غسل رجليه " وفى حديث ميمونة: " ثم تنحى عن مقامه فغسل رِجْليه "، قال الإمام: استحبَّ بعض العلماء أن يؤخِّر غسل رجليه إلى آخر غسله من الجنابة ليكون الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء، وأخذ ذلك من حديث ميمونة هذا، وليس فيه تصريح، بل هو محتمل؛ لأن قولها: " توضأ وضوءه للصلاة " الأظهرُ فيه إكمال وضوئه (?)، وقولها آخراً: " تنحَّى فغسل رجليه ": يحتمل أن يكون لما نالهما من تلك البقعة.
قال القاضى. ظاهر قوله فى الأحاديث إتمامُ الوضوء، وإليه نحا ابن حبيب من أصحابنا، قال: يتوضأ وضوءه كله، وروى علىٌّ عن مالك: ليس العمل على تأخير غسل الرجلين وليتم وضوءه فى أول غسله، فإن أخرهما أعاد عند الفراغ وضوءَه، ورُوى عنه أن تأخيرَهما واسعٌ فى تنحيه لغسل رجليه فى أن التفريق اليسير غير مؤثر فى الطهارة (?) وقد تقدم هذا.
وقولها: " ثمَّ أتيته بالمنديلِ فردَّه "، قال الإمام: وأمَّا تنشيف الماء عن الأعضاء فى الطهارة، فلا خلاف أنه لا يحرُمُ ولا يستحبُّ، ولكن هل يكره ذلك. فللصحابة - رضى الله عنهم - فيه ثلاثة أقوال: فروى عن أنس بن مالك أنه قال: لا يُكره فى الوضوء و [لا فى] (?) الغسل، وبه قال مالك والثورى، وحجتهم ما رواه قيس بن سعد بن عبادة [قال] (?): " دخل علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعنا له الغسل فاغتسل، فأتيتُه بملحفة فالتحف، فرأيتُ الماء والورسَ على كتفيه " (?). وروى معاذ: " أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح وجْهَه بطرف ثوبه " (?)،