قَالَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ: أَرْسَلنَا المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْمَذْىِ يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ، كَيْفَ يَفْعَلُ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَوَضَّأ وَانْضَحْ فَرْجَكَ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال القاضى: وقع فى هذا الحديث فى الموطأ (?) فى السؤال عن الرجل إذا دنا من أهله وأمذى ماذا عليه؟ وفى هذا فائدةً حسنةً؛ أَنَّ جواب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى مثل هذا فى غير المعتاد (?) بخلاف المستنكح والذى (?) من علةٍ، فحقيقة هذا أنه لا وضوء عليه، وإنما يتوضأ مما جرت العادةُ فى خروجه للذةِ، وعليه حمل بعضُهم قولَ مالك (?) إذا خرج منه المرَّةَ بعد المرة أنه يتوضأ.

قال الإمام: وفيه - أيضاً - أن علياً كلَّفَ من يسأل له مع القدرةِ على المشافهة، فإن كان أراد أن يكون سؤاله (?) الرسولَ بحضرتِه فيسمع منه، وإنما احتشم من مشافهته لكون ابنته عنده فلا اعتراض فى ذلك، وإن لم يُرد ذلك فإنه يقال: كيف يجزئ خبرُ الواحد عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع القدرة على القطع وسمع قوله؟ وهل يكون هذا كالاجتهاد مع القدرة على النص؟ وفى ظاهر الرواية المذكورة فيها أنه قال: " فأرسلنا المقداد " إشارةٌ إلى أنه لم يحضر مجلس السؤال.

قال القاضى: قد تفترق عندى هذه المسألة من مسألة الاجتهاد مع وجود النص، فإن الاجتهاد مع القدرة على النص خطأ محضٌ حتى لو كان النص خبر واحد لكان الاجتهاد معه خطأ، إِلا إذا خالف الخبرُ الأصولَ وعارض القياس فبين الأصوليين والفقهاء فيه اختلاف، والأصح تقديم خبر الواحد بدليل عادة الصحابة لامتثال قبوله، والمبادرة للعمل به، وقطع التشاجر ومنازعات الاجتهاد عندى حصوله، وهاهنا إنما طلب النص ووثق بالطريق إليه وبَعُد عنده الخلف فى خبر الواحد الناقل والكذب، لا سيما على النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولتزكيته للناقل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015