8 - (...) وحدّثنى هَارُون بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ إِلَىَّ رَأْسَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهْوَ مُجَاوِرٌ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

جواز ذلك للحائض إذا استقرت بثوب [قال] (?) كما جاء فى المستحاضة فى الطواف، وليس هذا عندى بصواب؛ لأنها متى استثفرت وخرج منها فى الذى [استثفرت] (?) به شىء، وإن أومن تنجيسه المسجد، فإنها نجاسةٌ فى الثوب يُنزَّه المسجدُ عن كونها فيه، والمستحاضة فى الطواف معذورة من وجهين؛ من الاستحاضة التى لزمتها، ومن تمام عقد العبادة التى دخَلتها، فلم يكن لها بُدٌ من ذلك والحائض فلا ضرورة لها لدخول المسجد جملة.

وفيه أن مس المرأة زوجها فى الاعتكاف لغير لذةٍ، وترجيل شعره وغسيله، ومناولته (?) الثوب وشبهه له، لا يضر اعتكافه، وأن إخراج المعتكف رأسه من المسجد وغسله شعره وترجيله لا يضره، ولا قص شعره ولا ظفره. وفيه أن من حلف إِلا يدخل بيتاً فأدخل فيه رأسه لا يحنث، لإخراج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه من المسجد وهو لا يجوز له الخروج، وإن أدخل ذلك منه من المسجد بيته لقول عائشة: " وأنا فى حجرتى "، وأن المعتكف لا يدخل البيت إِلا لضرورة حاجة الإنسان، وأنه لا يعود مريضاً ولا يشتغل بغير ما هو فيه، وأن سؤاله عن المريض والتسليم على الناس ومكالمتهم وشبه هذا فى مسيره إلى حاجته لا يضره، وهذا قول مالك والأوزاعى والشافعى وأبى حنيفة، وبظاهر هذا أخذ إسحاق وقال: لا يخرج إِلا لبول أو غائط، وقال جماعة من السلف، لكن إسحاق فرق بين التطوع والفرض، فأجاز اشتراط خروجه فى التطوع ولم يُجز أكثرهم الشرط فيه، واختلف فيه قول أحمد، واختلف قول مالك فى خروجه لما يضطر إليه؛ من خروجه لشراء طعامه وشرابه وما يحتاج إليه، وروى عن بعض السلف من الصحابة وغيرهم: جواز خروجه للجُمعة والجنازة وعيادة المريض، وأجاز أصحاب الرأى خروجه للجمعة، ومنعه مالك ورآه يفسد اعتكافه، وأنه لا يعتكف إِلا فى الجامع، وسيأتى هذا مفسراً فى الاعتكاف إن شاء الله تعالى.

وقوله: " وهو مجاور ": أى معتكف، والجوارُ والاعتكاف سواء. وذكر قولها: " قال لى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ناولينى الخمرة من المسجد "، قال الإمام: قال الهروى فى تفسير الحديث: " أنه كان يسجُد على الخُمر " يعنى هذه السجادة، وهى مقدار ما يضع عليه الرجلُ حُرَّ وجهه فى سجوده من حصيرٍ أو نسيجة من خوص (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015