أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعَةٌ مَعِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الْخَمِيلَةِ، إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيابَ حَيْضَتِى. فَقَالَ لِى رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنفِسْتِ؟ " قُلتُ: نَعَمْ. فَدَعَانِى فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِى الْخَمِيلَةِ.

قَالَتْ: وَكَانَتْ هِى وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلانِ، فِى الإِنَاءِ الْوَاحِدِ، مِنَ الجَنَابِةِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ذكر المستحاضة.

قال القاضى: ما ألزمنا المخالف وقاسَه الأبهرىُ هو حقيقة مذهب ابن القاسم على ما ذهب إليه بعض حُذاق شيوخنا، وأن الدفعَةَ متى كان قبلها طهرٌ فاصِلٌ وبعدها طهرٌ فاصِلٌ فهى حيضٌ يعتدُ به فى العِدَد، وعليه حُمِل قول ابن القاسم فى المعتَدَّةِ: فإذا رأت أول قطرةٍ من الحيضِة [الثالثة] (?) فقد تم قرؤها، وانقضت الرجعة، وحلَّت للأزواج، وإن قول أشهب خلاف له، وإليه نحا اللخمى، خلاف قول غيرهما: إنه تفسيرٌ ووفاق، ويعضده ما وقع لمالك فى الاستبراء وقوله: يسأل النساء عن ذلك (?).

وقول أم سلمة: " بينا أنا مضطجعةٌ فى الخميلة [إذ حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضتى، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنفِسْتِ ...] " (?) الحديث، قال القاضى: الخميلة القطيفة، قال ابن دريد، وقال الخليل: الخميلةُ ثوبٌ له خمْلٌ.

وقولها: " فأخذت ثياب حِيضتى ": كذا ضبطناه بكسر الحاءِ، وكذا قال الخطابى فى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة: " إن حيضَتَكِ ليست فى يدك " (?)، وإن صوابه بكسر الحاء، يريد الهيئة والحالة كقولهم: القِعْدَة والجلْسَه (?)، أى الهيئة والحالة، قال: والمحدثون يقولونها بفتح الحاء، وعندى أن هذا [غير] (?) بيِّن فى هذا الوضع، بل الحيضة هنا الدَمُ لقوله: " ليست فى يدكِ " يعنى: أن النجاسة التى يجب تجنُبُها المسجد وأسباب الصلاة وهو دم الحيضة ليست فى يدك، وأن الصواب ما قاله المحدثون هناك بخلاف حديث أم سلمة هذا، ويحتمل الكسر، أى الثياب التى ألبسها فى حال حيضتى، ويحتمل الفتح، أى الثياب التى ألبسها أيام الدم، ولا أتحفظ بها من الحيض، وأنزِّه غيرها من ثياب التجمل والصلاة عن ذلك.

وقوله: " أنُفِسْتِ "، قال الإمام: قال الهروى وغيره: نُفِست [المرأة] (?) ونَفِسَت إذا ولدت، فإذا حاضت قيل: نَفِست بفتح النون لا غير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015