. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضى: ولعل معناه فيمن تركها جملةً؛ لأن إقامتها وإحياءها على الجملة واجبٌ وأما على الآحاد أو ترك المرء بعضها فخلاف الواجبات. قال الإمام: وأما جعل الجريدتين على القبر، فلعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوحى إليه أن (?) العذاب يُخفُّفُ عنهما ما لم ييبسا، ولا يظهر لذلك وجهٌ إِلا هذا.
[قوله فى الحديث: " فدعا بعسيب رطب ": قال الهروى فى تفسير الحديث الذى فيه: " فجعلت أتتبعه - يعنى القرآن - من اللحاف والعُسُب " العسب: جمع عسيب، وهو سعف النخل، وأهل العراق يسمونه الجريد والعراهن، واللحاف حجارة بيض رقاق، قال أبو عبيد فى مصنفه: رقاق عريضة] (?).
قال القاضى: قد ذكر مسلم فى حديث جابر الطويل آخر الكتاب فى حديث القبرين: " فأحببتُ بشفاعتى أن يُرفع (?) ذلك عنهما ما دام القضيبان رَطبين "، فإن كانت القصةُ واحدةً فقد بين أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا لهما وشفع، وإن كانت قصةً أخرى فيكون المعنى فيهما واحدًا، والله أعلم. وذكر بعض أصحاب المعانى أن يكون يحتمل التخفيف عنهما مُدَّة رطوبة الجريدتين لدعاء كان منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى ذلك تلك المدة، وقيل: بل المعنى: أنهما ما دامتا رطبتين تسبِّح وليس ذلك لليابس، وقد حكى عن الحسن نحو من هذا فى [مايدة] (?)، وسئل: هل تسبح؟ فقال: كان، فأما الآن فلا. واستدل بعض العلماء من هذا - على هذا التأويل - على استحباب تلاوة القرآن على القبور، ولأنه إذا كان يُرجى التخفيف عن الميت بتسبيح الشجر فتلاوة القرآن أعظم رجاءً ونفعًا. قال بعضهم: وقد جاء عمل الناس فى بعض الآفاق ببسط الخوص على قبور الموتى، فلعله استنانٌ بهذا الحديث، قال الخطابىُّ: وليس لما تعاطوه من ذلك وجهٌ.
قال القاضى: قد روى عن بريدة الأسلمى أنه أوصى أن يجعل فى قبره جريدتان، فلعله تيمُّنًا بما فعله النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو لما تقدم، والله أعلم، أو لتشبيه الله تعالى لها بشجرةٍ طيبةٍ وتشبيهها بالمؤمن.