أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَنْتُمْ أَصْحَابِى، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ". فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ، بَيْنَ ظَهْرَىْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ " قَالُوا: بَلَى،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الدين، فقد يكون فى القرون التى تأتى بعد القرن الأول من يفضُلهم على ما دلت عليه عنده (?) الآثار، وذهب إلى هذا غيره من المتكلمين على المعانى، وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا، وأن من صحب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرةً من عمره وحصلت له مزيَّةُ الصحبة أفضل من كل من يأتى بعده، وأن فضيلة الصحبة لا يعدلها عملٌ، قالوا: وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واحتجوا بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو أنفق أحدُكم مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصِيفه " (?) وحجة الآخر عن هذا أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبعضهم عن بعضٍ، فدلّ أن ذلك للخصوص لا للعموم.

وقوله [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (?) " بين ظهرى (?) خيلٍ دُهم بُهْمٍ "، قال القاضى: قال الأصمعى: العربُ تقول: نحن بين ظهريهم وظهرانيْهم على لفظ الاثنين، أى بينهُمْ، قال: والعرب تضع الاثنين موضع الجمع.

وقوله: " دُهمٌ "، قال الإمام: قال الهروى فى قوله تعالى: {مُدْهَامَّتَان} (?) قال بعضهم: الدُهمةُ عند العرب السَّوادُ، قال مجاهد: {مُدْهَامَّتَان}: مسْودتان.

وقوله: " بُهم ": قال الهروى فى حديث النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُحشر الناس يوم القيامة عُراةً حُفَاةً بُهْماً ": البُهْم واحدها بَهِيمٌ، وهو الذى لا يخالط لونه [لون] (?) سواه.

قال القاضى: كذا قال أبو حاتم، سواداً كان أو بياضاً أو حمرةً، يقال: أسود بهيمٌ وأبيض بهيمٌ ونحوه، قال يعقوب وغيره: وقال غيره: البهيمُ الأسود، وليلٌ بهيمٌ، وكذلك من الخيل الذى لاشِيَةَ فيه، وقاله أبو زيد (?)، وأما قول الهروى فى تفسير الحديث فى حشر الناس فيحتاج إلى بيان. قال صاحب الدلائل: يُريدُ متشابهى الألوان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015