يَحْيَىَ؛ أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَا سَلامٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الطُّهُور شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ -

ـــــــــــــــــــــــــــــ

تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (?)، والتيممُ القصدُ، والمقصود منوىٌ.

قال القاضى: ذهب بعض المتكلمين على معانى الحديث أن معنى قوله: " شطر الإيمان ": أن الإيمان شطران: تطهير السِّر عن الشرك وأنجاس الكفر، قال الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّر} (?). قال أهل التفسير: قلبك ونفسك (?)، وتطهير الجوارح عن عبادة غير الله، فمن طهَّر باطنه فقد استكمل الإيمان، ومن تطهَّر لله فقد طهَّرَ ظاهره، فجاء بنصف الإيمان لأنه تطهير من الحدث والأنجاس للوقوف بين يدى الله، فإذا طهّر سِرَّه من الخواطر والأنجاس للمناجاة لله كمل إيمانُه، والإيمان ظاهِرٌ وباطِنٌ، فظاهِرهُ إقرارٌ وتسليمٌ، وباطنه إخلاصٌ وتصديق. وقد يقال: المرادُ بالإيمان هنا الصلاة، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم} (?)، ولما كانت الصلاة مفتقرةٌ إلى هذه العبادة الأخرى التى هى الطهارة، ولا يتم إِلَّا بها كانت كالشرط (?) لها.

وقوله: " والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض ": بيانُ أجر الحمد إذا أضيف إلى التسبيح وقُرن به على إفراده؛ لأنه ملأ الميزان - أى من الأجر - وإذا قُرِن بالتسبيح كان أجره بقدر ملء ما بين السماوات والأرض، وذهب بعضهم إلى أن ثناء العبودية على شيئين: المعرفة بالله، والافتقار إلى الله، فصفاء معرفة الله بتنزيهه، وكمال الافتقار إليه: أن ترى نفسك فى تصريفه كيف شاء، فغاية التنزيه سبحان الله، وفى الحمد لله الافتقار إلى الله، وأنه رأى أقواله وأفعاله بالله، ولم يرها من نفسه، وقد روينا هذا الحديث من غير هذا الطريق: " التسبيح نصف الميزان [والحمدُ ملاؤه] (?) والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض " (?) ومعناه يرجع إلى ما ذكرناه. ولأصحاب الإشارات فى معانى هذا أغراض أخر يُنبِّه عليه بعض ما ذكرناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015