. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال فى الحديث: " كافَّةً " كنبيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويكون إدريس لقومه كموسى وهودٍ وصالحٍ ولوطٍ وغيرهم، وقد استدل بعضهم على هذا بقوله تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ} (?) وقد قيل: إن إلياس هو إدريسُ (?)، وقد قرئ: " سلام على إدرَاسَين " (?) وكذلك إن قيل: إن إدريس هو إلياس، وأنه كان نبياً من بنى إسرائيل، كما جاء فى بعض الأخبار مع يوشَع بن نونٍ (?).

وإذا كان هذا فقد سقط الاعتراض. وبمثل هذا - أيضاً - يسقط الاعتراض بآدم وشيث ورسالتهما إلى من معهما (?) وإن كانا رسولين، فإنَّ آدم إنما أرسل لبنيه ولم يكونوا كفاراً، بل أمِرَ بتعليمهم الإيمان والتوحيد وطاعة الله، وكذلك خَلفَهُ شيثٌ بعدَه فيهم بخلاف رسالة نوح إلى كفار أهل الأرض. وقد رأيت أبا الحسن بن بطال ذهب إلى أن آدم ليس برسول ليسْلمَ من هذا الاعتراض، وحديث أبى ذرّ الطويل ينُص على أن آدم وإدريس رسولان.

وقوله: " ايتوا إبراهيم الذى اتخذه الله خليلاً ": أصل الخُلة الاختصاصُ والاستصفاء، وقيل: أصلها الانقطاع إلى من يخالِك، مأخوذ من الخلةِ وهى الحاجة فسُمّى، إبراهيمُ بذلك؛ لأنه قصر حاجته على ربه حين أتاه الملك وهو فى المنجنيق ليُرمى فى النار، فقال: لك حاجةٌ؟ قال: أمَّا إليك فلا (?)، وقيل: الخُلة: صفاء المودة التى توجب تخلل الأسرار، وقيل: معناها: المحبةُ والإلطاف. وقال الشاعر:

قد تخللت موضعَ الرُوح منى ... ولذا سُمى الخليلُ خليلا

وقوله فى الحديث الآخر: " إنما كنتُ خليلاً من وراء وراء " (?) إشارةٌ إلى تفضيل محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه حجةٌ على زيادة منزلة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى القرب على إبراهيم، وليس ذلك إلا بالرؤية والمناجاة - والله أعلم بقوله: " من وراء وراء" (?). وذكر كذباته، وكانت كلها تعريضاً فى جنب الله، فتسميتُها كذبات دليلٌ لأهل السنة ومتكلميهم فى أنه لا يُشترطُ فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015