. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكذلك اختلفوا فى تأويل قوله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَار}، وقد اختلفوا فى رؤية موسى ربه ومقتضى الآية ورؤية الجبل. ففى جواب القاضى أبى بكر (?) ما يقتضى أنهما رأياه تعالى، ولبعض المفَسِّرين نحوٌ منه، والكلام فى هذه الفصُول يتسع، وهو مُتَّسعٌ فى كتب أئمتنا، وقد ذكرنا نخبةً منه فى كتابنا الشفا (?).
وكذلك اختلفوا هل كلم محمدٌ ربَّه ليلة الإسراء بغير واسطة أم لا؟ فَحُكِىَ عن الأشعرى وقوم من المتكلمين أنه كلمه، وعزا بعضُهم هذا إلى جعفر بن محمد وابن مسعود وابْن عباس (?)، وحجتهم ظاهر قوله: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (?) والأكثر على القول بغير هذا، وأن المُوحى [ها هنا] (?) إلى العبد اللهُ إلى جبريل (?) وجبريل إلى محمد.
وكذلك اختلفوا فى تأويل قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (?) فأكثر المفسرين أن هذا الدنو والتدلى مُقَسَّمٌ ما بين جبريل [ومحمد] (?)، أو مختص بأحدهما من الآخر، أو من [سدرة المنتهى] (?)، وذكر عن ابن عباس والحسن ومحمد بن كعب وجعفر ابن محمد وغيرهم أنه دنوٌّ من محمد إلى ربه أو من الله إلى محمد (?)، وعلى هذا القول فيكون الدنو والتدلى متأوَّلاً ليسَ على وجهه، كما قال جعفر بن محمد: الدنو من الله لا حَدَّ له، ومن العباد بالحدود، فيكونُ معنى دنو النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ربه وقربه منه ظهور عظيم منزلته لديه، وإشراق أنوار معرفته عليه، وإطلاعه [من غيبه] (?) وأسرار ملكوته على ما لم يطلع سواه عليه. والدنُو من الله له إظهار ذلك له وعظيم بِرِّه وفضله العظيم لدَيه،