. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
14 - (2967) حدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِىِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بصُرْمٍ، وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ، يَتَصَابُّهَا صَاحِبُها. وَإِنَّكُم مُنْتَقلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخْيَرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفَةِ جَهَنَّمَ، فَيَهْوِى فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا لاَ يُدْرِكُ لَها قَعْراً. وَوَاللهِ، لَتُمْلأَنَّ. أَفَعَجبْتُم؟ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَينَ مصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيع الجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُنِى سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَتْ أَشَدَاقُنَا. فَالتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقَتُهَاَ بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَاتَّزرْتُ بِنِصْفِهَا، وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا. فَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَّا أَحَدٌ إِلا أَصْبَحَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ، وَإِنِّى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " إن الدنيا آذنت بصرم ": أى أشعرت وأعملت بانقطاع.
وقوله: " وولت حذاء مدبرة ". قال الإمام: قال أبو عبجد: هى السريعة الخفيفة التى انقطع آخرها، ومنه قيل للقطاة: حذاء لقصر ذنبها مع خفتها وحمارٌ حذاء أى: قصير الذنب. وقوله هذا مثل؟ لأن القصير الذنب أو ما قطع ذنبه لم يبق وراءه شىء، فكأنه قال: إن الدنيا أدبرت منقطعة عنكم سريعة الانقطاع.
وقوله: " لم يبق منها إلا صبابة "، قال الإمام: قال أبو عبيد (?): الصبابة: البقية تبقى فى الإناء من الشراب، وقد تصاببتها: إذا شربتها.
وقوله: " وهو كظيظ من الزحام ": أى ممتلى، يقال: كظه الشراب كظيظاً: وفى حديث الحسن (?) حين ذكر الموت فقال: " كظ ليس كالكظ ": أى همّ يملأ الجوف ليس كسائر الهموم، لكنه أشد، يقال كظنى الأمر: إذا ملأنى وشغل قلبى.
وقوله: " حتى قرحت أشداقنا "، قال القاضى: أى أصابتها جراح من خشونة ورق السمر. والبردة ثوب، وهو كساء مخطط. وقيل: هى الشملة، والنمرة أيضاً، وجمعها برد، وقيل: كساء مربع أسود فيه صفر. والعرب تسمى الكساء الذى يلتحف به بردة. والبرد، بغير تاء: نوع من ثياب اليمن الموشية.