قَيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا القَاتِلُ، فَمَا بَالُ المَقْتُولِ؟ قَالَ: " إنَّهُ قَدْ أرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حسن الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم، وطلب أحسن التأويل لفعلهم، وأنهم مجتهدون غير قاصدين للمعصية [والمجاهرة] (?) بذلك، وطلب سحق (?) للدنيا، بل كل عمل على شاكلته، وبحسب ما أداه إليه اجتهاده، لكن منهم المخطئ فى اجتهاده ومنهم المصيب، وقد رفع الله [الححر] (?) الحرج عن المجتهد المخطئ فى فروع الدين، وضعف الأجر للمصيب. وقد وقف الطبرى وغيره عن تعيين المحق منهم.
وعند الجمهور أن علياً وأتباعه مصيبون فى ذبهم عن الإمامة، وقتالهم من نازعهم فيها، إذ كان أحق الناس بها وأفضل من على وجه الدنيا حينئذ وغيره تأول وجوب القيام بتغيير المنكر فى طلبه قتلة عثمان الذين فى عسكر على، وأنهم لا يقطعون (?) بيعة ولا يعتقدون (?) إمامة، نقضوا ذلك ولم يطلبوا سوى ذلك، ولم ير هو دفعهم، إذ الحكم فيهم للإمام وكانت الأمور لم تستقر استقرارها، ولا اجتمعت الكلمة بعد وفيهم عدد، ولهم شوكة ومنعة، ولو أظهروا تسليمهم أولاً والقصاص منهم لاضطرب الأمر، وانبت الحبل، ومنهم جماعة لم يروا الدخول فى شىء من ذلك، محتجين بنهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التلبس بالفتن، والنهى عن قتال أهل الدعوة، كما احتج به أبو بكرة فى كتاب مسلم فى هذا الحديث على الأحنف، وعذروا الطائفتين بتأويلهم، ولم يروا إحداهما باغية فيقاتلوها. وأما غير أهل الحق فلهم فى ذلك مقالات بشعة شنيعة يستغنى عن ذكرها.
وقوله: أرأيت إن أكرهت - إلى قوله - فيقتلنى قال - عليه السلام -: " يبوء بإثمك وإثمه " (?)، أى يلزمه ويرجع بذلك. وأصل البوء: اللزوم أى تبوء بإثمه فيما دخل فيه ومنعه من الدخول فى الفتنة، وبإثمك لقتله إياك، وبإثمك لإكراهه إياك على ما أكرهك.
وفيه رفع الحرج عن المكره على مثل هذا فى هذه المسألة، وهو المحمول الذى لا يملك نفسه لقوله: أكرهت حتى ينطلق بى، ولم يختر أنه انطلق من قتل نفسه.
ولم يختلفوا أن الإكراه على القتل لا يعذر به أحد ولا على ظلم غيره، وإنما العذر فيما تعلق بالقلب، أو ما لا يملك فيه الإنسان نفسه.