. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
{أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (?) فى توحيد الله وصفاته.
قال القاضى: ولا خلاف بين أهل التحقيق أنه قبل نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسائر الأنبياء منشرح الصدر بالتوحيد، والإيمان بالله، لا يليق به الكفر ولا الشك فى شىء من ذلك ولا الجهل به، ولا خلاف فى عصمتهم من ذلك - خلافاً لمن جوَّزه.
وحجة المانعين منه الطريقان المتقدّمان، والصحيح منهما النقل، فلو كان شىء من ذلك لنقل، بل تظاهرت الأخبار الصحيحة عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن غيره من الأنبياء بصحة معرفتهم بالله وهدايتهم من صغرهم وتجنُّبهم عبادة غير الله، فقد عيَّرت قريش نبينا والأممُ أنبياءهم ورمتهم بكل آفة ورامت نقصَهم بكل جهة، وبرَّأهم الله مما قالوا، وقصَّ الله علينا من ذلك فى كتابه: {وقالوا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} (?)، و {إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء} (?) ولو كان أحدُهم عبدَ معهم معبودهم وأشرك بشركهم قبل نبوته لعيَّروه بِتلوَّنه فى معبوده، وقرَّعوه بفراق ما كان معهم عليه من ديانته، وكان ذلك أبلغ فى تأنيبهم لهم من أمرهم بمفارقة معبود آبائهم، وقد بسطنا الكلام فى هذا الفصل بما فيه مقنع فى غير هذا الكتاب، وجئنا بالأجوبة عما يُعْترَض به على هذا من ظواهر القرآن كقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (?)، وقوله: {وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (?) وقول إبراهيم: {هَذَا رَبِّي} (?) وأشباه هذا ومعانى هذه الآى وتأويلاتها فى كتابنا الشفا (?).