فِى طَرِيقِ مَكَّةَ، فَمرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ. فَقَالَ: " سِيرُوا، هَذَا جُمْدَانُ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ " قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَارَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المسافة، فهذا الذى يليق بالله سبحانه. وأما المشى بطيؤه وسريعه - والتقرب بالذراع والباع، فمن صفات الأجسام، والله - سبحانه - ليس بجسم، ولا يجوز عليه تنقل ولا حركة ولا سكون، وهذا واضح بين.
قال القاضى: قيل يجوز أن يكون معنى قوله: " من تقرب إلىّ شبرًا ": أى بالقصد والنية، قربته توفيقاً وتيسيراً ذراعًا وإن تقرب إلى بالعزم والاجتهاد ذراعاً قربته بالهداية والرعاية باعًا، وإن أتانى معرضاً عمن سواى مقبلاً إلى أدنيته، وحلت بينه وبين كل قاطع، وسبقت به كل مانع، وهو معنى الهرولة. وجاء فى الرواية الأخرى: " وإذا تلقانى بباع جئته بأسرع " كذا رواية الفارسى (?) وابن ماهان، وفى رواية العذرى: " وإذا تلقانى بباع جئته أتيته بأسرع ". قال بعضهم: هو مفسر، ولعله: " بباع حثيث أتيته بأسرع ".
وقوله: " سبق المُفرِدون " وفسره: " الذاكرون الله كثيرًا والذكرات "، ضبطناه على متقنى شيوخنا بفتح الفاء وكسر الراء. قال القتبى: هم الذين هلك لداتهم، وذهب قرنهم الذين كانوا فيه فبقوا يذكرون الله، كما يقال: فلان هرم فى طاعة الله، أى لم يزل يفعل ذلك.
وقد جاء تفسيره فى حديث آخر (?) قال: " هم الذين اهتروا فى ذكر الله " أى: أولعوا. وقيل: استهروا. وقال ابن الأعرابى: فرد الرجل إذا تفقه واعتزل وخلا بمراعاة الأمر والنهى.