قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ. قَالَتْ: مَا أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ، أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ يَنْقُصْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقول عائشة عن عبد الله بن عمرو: " ما أراه (?) إلا قد صدق، أراه لم يزد فيه ولم ينقص ": ليس أنها اتهمته بالكذب، ولكنها (?) لعلها نسبت إليه أنّه ما قرأه من الكتب عن غير النبى - عليه السلام - إذ كان عبد الله بن عمرو قد طالع كثيراً من كتب أهل الكتاب، ألا تراها كيف قالت له: أحدثك أنه سمع النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول هذا، فلما كرره مرة أخرى بحسبه، وأسنده عن النبى - عليه السلام - غلب على ظنها أنه جاء به على ما سمعه، ويبين هذا قوله فى الرواية الأخرى: " فرد علىَّ الحديث كما حدث قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وفيه خص أهل العلم طلبته على الأخذ عن بعضهم بعضاً، وشهادة بعضهم لبعض، والحض على حمل العلم والأخذ عن أهله لقولها: " القه، فإنه قد حمل عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيراً "، والتثبيت فيما شب فيه من ذلك، لقولها له فى العام الثانى: " القه حتى تسأله عن الحديث ". وفيه التلطف بالتثبت من العالم لئلا ينكر ذلك ويقع فى نفسه منه، بقولها: " ففاتحه حتى تسائله عن الحديث الذى ذكر " لئلا يفجأه به غيره فينكر ذلك ويخشى أنه اتهمه.