(45) بَاب اسْتِحْبَابِ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ، وَمُجَانَبَةِ قُرَنَاءِ السُّوءِ

146 - (2628) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِى مُوسَى، عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِىُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ. فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً. وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: فى تمثيل الجليس السوء والجليس الصالح بحامل المسك أو نافخ الكير: فيه تجنب خلطاء السوء ومجالسة الأشرار وأهل البدع والمغتابين للناس؛ لأن جميع هؤلاء ينفذ أثرهم إلى جليسهم، والحض على مجالسة أهل الخير وتلقى العلم والأدب، وحسن الهدى والأخلاق الحميدة.

وقوله: " فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة "، قال الإمام: جمهور الفقهاء على طهارة المسك وجواز بيعه. وقال قوم بنجاسته والدليل عليهم قوله هاهنا: " وإما أن تبتاع منه "، والنجس لا يباع؛ ولأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعمله، ولو كان نجساً لم يستعمله، والناس فى الأعصار الماضية ما أحد منهم ينكر استعماله، فدلَّ ذلك كله على طهارته.

وقوله: " إما أن يحذيك ": يقال: أحذيت فلاناً، بمعنى أعطيته.

قال القاضى: قد ذكر بعض أئمتنا الإجماع على طهارة المسك وطهارة فارغه، وهى جلده التي يوجد فيها، وهى قطعة ميتة أو صيدُ غير مسلم له حكم الميتة. وكذلك توضح قطعها من الغزالة حال الحياة، فما أخذ من الحى وقطع منه فهو ميتة، وكيف ولا يصح أخذها منه حال الحياة، ثم الشىء المجتمع فيه دم متعفن نجس أو مواد حكمها حكم ذلك، كما يجتمع فى الجراحات، ولا معقل عند المحققين من الفقهاء على طهارته إلا على الإجماع باستعماله، والثناء عليه وعلى ريحه وبائعه ومبتاعه ومستعمله؛ ولذلك قال بعض أئمتنا: هى نجسة لكن يصلى بها، يعنى أنه مما خص وعفى عنه شرعاً، والقياس يقضى بنجاسته، وصحة الآثار والاقتداء يقضيان باستعماله، وما روى من كراهة العمرين له فليس فيه نص على نجاسته عندهما، ولا يصح الخبر بذلك عنهما، بل صح قسمة عمر بن الخطاب له على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015