حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ؛ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: مَنْ يُحدِّثُنَا، أَوْ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحَدِّثَنَا - وَفِيهِمْ حُذَيْفَةُ - مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الْفِتْنَةِ؟ قَالَ حُذَيْفَة: أَنَا. وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَنَحْوِ حَدِيثِ أَبِى مَالِكٍ عَنْ رِبْعِىٍّ. وَقَالَ فِى الْحَدِيثَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: حَدّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بَالأَغَالِيطِ. وَقَالَ: يَعْنِى أَنَّهُ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
232 - (145) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِىِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ - يَعْنِى ابْنَ كَيْسَانَ - عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدأَ غَرِيباً، فَطُوبى لِلْغُرَبَاءِ ".
(146) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ قَالَا: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " ليس بالأغاليط ": قال ابن دريد: المغاليط الكَلِمُ التى يُغالط بها، واحدها مُغْلَطة وأغلوطة وجمعها أغاليط. معناه: حدثته حديثاً صِدقا ليس فيه غلط لقائله ولا سامعه كما بيَّنَه قبْلُ بقوله: إن عمر كان يعلم مَن البابُ. يعنى: أنه كان عنده وعند عُمَر من قبل (?) النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس من رأيه وحديثه ولا من صحف الكتابيين حيث تتصور الأغاليط. وقال الداودى: معناه: ليس بالصغير الأمر ولا اليسير (?) الرزِئة. والصواب الأول (?).
وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بدأ الإسلام غريباً وسيعودُ غريباً فطوبى للغرباء ": روى ابن أبى أويس عن مالك أن معناه: فى المدينة، وأن الإسلام بدأ بها غريباً ويعود إليها.
وظاهر الحديث العمومُ، وأن الإسلام بدأ فى آحاد من الناس وقلَّةٍ ثم انتشرَ وظهر، ثم سيلحقه النقص والاختلاف حتى لا يبقى - أيضاً - إلا فى آحادٍ وقلةٍ غريباً كما بدأ.
وأصل الغربة البُعْدُ، وبه سُمى الغريبُ لبُعْد داره، وسُمى النفى تغريباً لذلك. وورد تفسير الغريب فى الحديث: " قال: همُ النُزَّاع من القبائل ".
قال الهروى: أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم إلى الله، وسمى الغريب نازعاً ونزيعاً لأنه نزع عن أهله وعشيرته وبَعُدَ عن ذلك (?).