تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِى أهْلِهِ وَجَارِهِ؟ قَالُوا: أَجَلْ. قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ، وَلكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ التِى تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ:

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْض} (?).

وقوله: " فأسْكَتَ (?) القومُ "، قال الإمام: قال الأصمعى: سكت القوم بمعنى صمتوا وأسْكتوا بمعنى أطرقوا. قال أبو على البغدادى وغيره: سكَت وأسْكت بمعنى صمتَ. قال الهروى: ويكون سكت فى غير هذا بمعنى سَكَنَ ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَب} (?) ويكون سكت بمعنى انقطع، حكى عن العرب: جرى الوادى ثلاثاً ثم سكت، أى انقطع، ويقال: هو السكوت والسُّكاتُ، وسَكَتَ يسْكُتُ سكْتاً وسكوتاً وسكاتا.

وقوله: " تعرض الفِتَن على القلوب عرض الحصير عوداً عوداً ": قال القاضى: كذا روينا هذا الحرف عن القاضى الشهيد، بفتح العين والذال المعجمة فى الأمّ، وضبطناه على ابن العاصى وغيره [عُودًا] (?)، بضم العين ودال مهملة، ووقع عند بعضهم عوْداً عَوْدًا، بفتح العين وبالدال المهملة أيضاً، وهو اختيار شيخنا أبو الحسين بن سراج من جميع وجوه رواياته، قال لى: ومعنى تُعرض: أى كأنها تلصق، بعرض القلوب، أى جانبها، كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه بشدة لصقها به. قال: وقولة: عَوْداً عوداً: أى تعاد وتكرر عليه شيئاً بعد شىء. قال: ومن رواه بالذال المعجمة فمعناه: سؤال الإعاذة، كما يقال: غفراً غفراً وغفرانك، وبذلك انتصب، أى نسألك أن تُعيذَنا من ذلك وأن تغفر لنا. وأما غيره - ممن باحثناه من شيوخنا وكاشفناه عن هذا وهو الأستاذ أبو عبد الله بن سليمان (?) - فقال: معناه: تعرض على القلوب أى تُظْهَرُ لها فتنةٌ بعد أخرى وقوله كالحصير، أى كما ينسج الحصير عوداً [عوداً] (?) [وشطبة] (?) بعد أخرى، وعلى هذا تترجح رواية ضم العين وذلك أن ناسج الحصير عند العرب يحتاج إلى مُنَقّ القضبان لأخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015