دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَىْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبهُمْ مِنْ شَىْءٍ. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: سَمِعْنَا وأطَعْنَا وَسَلَّمْنَا " قَالَ: فألْقَى اللهُ الإيمَانَ فِى قُلُوبِهِمْ، فَأنْزَلَ اللهُ تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ: قَدْ فَعَلْت {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا} قَالَ: قَدْ فَعَلْت {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا} قَالَ: قَدْ فَعَلْت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأعمال للشأن والقلب، ثم نسخ ذلك عنهم برفع الحرج والمؤاخذة.
وروى عن بعض المفسرين أن معنى النسخ هنا: إزالة ما وقع فى قلوبهم من الشدَّة والفَرَق من هذا الأمر، فأزيل عنهم بالآية الأخرى واطمأنت نفوسهم. وكأن هذا يرى أنهم لم يُلزموا ما لا يطيقون لكن ما يشق عليهم من التحفظ من خواطر النفس وإخلاط (?) الباطن، وأشفقوا أن يُكَلَّفوا من ذلك ما لا يطيقون، فأزيل عنهم الإشفاق، وبيَّن أنَّهم لم يُكلَّفوا إلا وُسْعَهم.
وهذا غير ما أشار إليه الإمام أولاً، وعلى هذا لا حُجةَ فيه لجواز تكليف ما لا يطاق؛ إذ ليس فيه نص على تكليفه. [واحتج بعضهم (?) باستعاذتهم منه بقوله سبحانه: {وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} ولا يستعيذون إلا مما يجوز تكليفه] (?).
وأجاب عن هذا بعضهم (?) بأن معنى ذلك: أى ما لا نطيقُه إلا بمشقة وكلفة. وذهب بعضهم إلى أن الآية محكمة فى إخفاء اليقين والشك للمؤمنين والكافرين، فيغفر للمؤمنين [ويعذب الكافرين] (?). وقيل: هو الهمُّ بالمعصية.
وقوله [تعالى] (?): {إِصْرًا} (?) أى عهدًا، وقيل: ذنبًا، وقيل: ثقلاً، أى تكليفًا يشق، وقيل: عقوبة.