قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِى أَنْتَ، وَاللهِ، لَتَدَعَنِّى فَلأَعُبَرَنَّهَا. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اعبُرْهَا ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّاَ الظُّلَّةُ فَظَلَّة الإِسْلامِ، وَأَمَّا الَّذِى يَنْطِفُ مِنْ السَّمْنِ وَالعْسَلِ فَالْقُرْآنُ، حَلاوَتُهُ وَلِينُهُ، وأمَّا ما يَتَكَفَّفُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِى أَنْتَ عَلَيْهِ، تَأخُذُ بِهِ فَيُعَلِيكَ اللهُ بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرَ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ فَأَخْبَرَنِى يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِى أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأتُ؟ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَصَبْتُ بَعْضًا، وَأَخْطَأتَ بَعْضًا ". قَالَ: فَوَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَتَحُدَّثَنِى مَالَّذِى أَخْطَأتُ؟ قَالَ: " لا تُقْسِمْ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال آخرون: إنما وقع الخطأ عليه فى أمر أغفله وأضرب عن تفسيره، فصار كأنه قصر فى العبارة لا على أنه قال قولاً أخطأ فيه. واختلف أصحاب هذه الطريقة على قولين فيما إذا أغفل، فقال بعضهم: ذكر الرائى أنه رأى ظلة تنطف السمن والعسل، فعبر الصديق - رضى الله عنه - ذلك بالقرآن حلاوته ولينه، وذلك عبر العسل ولم يعبر السمن، وأغفل ذكره، قالوا: وقد يكون العسل كناية عن القرآن، والسمن كناية عن السنة، فكأنه كان من حقه أن يقول: أما الذى ينطف فالقرآن وما سننت أنت من السنين. وإلى هذا التأويل أشار الطحاوى (?).
وقال بعضهم: فإن المنام يدل على خلع عثمان؛ لأنه ذكر أنه أخذ بالسبب فانقطع به، وذلك يدل على انخلاعه بنفسه، ولما انقطع به دل على خلعه قهراً. وإذا كان عثمان - رضى الله عنه - قد خلع قهراً وقتل، حمل الوصل المسبب على ولاية غيره من بعده من قومه. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقسم " لما سأله أن يحدث بما يجرى فى الفتن عن (?) أصحابه، ويذكر لعثمان بأنه يبتلى. وقال بعض أهل العلم فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حض على إبرار المقسم (?) ولم يبر قسم أبى بكر، وما هذا إلا لما رآه من المصلحة فى ترك هذا وإبرار المقسم إذا منع منه مانع خرج من الحديث المذكور فيه الحض عليه.
قال القاضى: قيل: خطأه فى قوله: " فتوصل (?) له فيعلو به "، وليس فى الرؤيا إلا أنه يوصل وليس فيها: " له "، ولذلك لم [يذكر: " له "، لكن] (?) وصله