5 - (2262) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْح، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرؤيا الصحيحة؛ إنذاراً من الله وعناية بعبده؛ لئلا يفجئه ما قدر عليه بغتة، وليكون فيه على حذر وأهبة، كما أن الرؤيا الصالحة والحسنة من الصالحين، هذا - أيضاً - على الغالب، وقد يكون فى رؤياهم أضغاث ولكن على سبيل الندور بضد الأولى لعوارض تقتضى ذلك - والله أعلم - من وسوسة [النفس] (?) وحديثهما، أو غلبة خلط عليه، أو فساد ذكرها أحياناً وتخييلها وفكرها.
ويحتمل قوله: " الحسنة، والصالحة " أن يكون راجعًا إلى حسن ظاهرها، ويحتمل أن يرجع إلى صحتها، كما أن قوله فى الأخرى: " [الرؤية] (?) السوء " يحتمل الوجهين؛ سوء الظاهر، أو سوء التأويل.
وفى أمره بنفثه وبصقه ثلاثاً: طرد للشيطان الذى حضر رؤياه المكروهة، [واستقذاره لها] (?)، كما يبصق على ما يستقذر ويكره، كما أمر بذلك عند التثاؤب.
وكون ذلك فى يساره؛ لأن اليسار أبداً جهة الشيطان وجهة المذام والأقذار، والجهة المشؤومة بضد اليمين، والعرب تسميها الشؤما.
وقوله: " فليبصق، وليتفل، ولينفث " على اختلاف الأحاديث، كله بمعنى، وقد تقدم الكلام على ذلك، ومن فرق بين التفل والنفث، ومن جعلهما بمعنى فى كتاب الصلاة، وفى كتاب الطب.
وأمره بتحويله عن جنبه: تفاؤلاً بتحويل حالها، وظاهر مكروه تأويلها، وأنها لا تضره، وهذا يصحح أحد التأويلين فى قوله: " لاتضره " أنه عائد، إلى صرف سوء تأويلها ودفع الله بما فعل عنه مكروهها. وأما قوله: " ولا تخبر بها أحدًا " فما فائدة كتمانها؟ فقيل: إن ذلك مخافة تعجيل اشتغال السوء (?) بمكروه تفسيرها إن وافق ظاهرها باطنها، والتعذيب به مدة لا يدرى قربها من بعدها، فقد تخرج الرؤيا بعد طول السنين، واذا لم يخبر بها وفعل ما أمر به من النفث والاستعاذة، كان دواء مكروهها وخروجها عن ذلك على أحد التأولين، وعلى التأويل الآخر: أن ذلك إنما يريك (?) روعتها وتحزنه بها.