تَضُرَّهُ ". فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَىَّ مِنْ جَبَلٍ، فَمَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَمَا أُبَالِيهَا.
(...) وحدّثناه قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ - يَعْنِى الثَّقَفِىَّ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْر، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِى حَدِيثِ الثَّقَفِىِّ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَإِنْ كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا. وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ اللَّيْثِ وَابْنِ نُمَيْر قَوْلُ أَبِى سَلَمَةَ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. وَزَادَ ابْنُ رُمْحٍ فِى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ: " وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلمًا يكرهه فلينفث عن يساره "، وفى رواية: " فليتفل وليتعوذ بالله من شرها "، وفى رواية: "وشر الشيطان، فإنها لن تضره "، وفى رواية: " فليبصق عن يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات "، وفى رواية: " فليتحول عن جنبه الذى كان عليه "، وفى رواية: " ولا يخبر بها إلا من يحب "، وفي بعض الطرق: " الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان "، وقول أبى سعيد (?): " إن كنت لأرى الرؤيا هى أثقل على من الجبل، فما هو إلا أن سمعت هذا الحديث فما أباليها ": الحُلْم، بضم الحاء وسكون اللام: هو الرؤيا والفعل منه حَلَم بفتح اللام.
قال الإمام: كثر كلام الناس فى حقيقة الرؤيا، وقال فيها غير الإسلاميين أقاويل كثيرة منكرة لما حاولوا الوقوف على حقائق لا تعلم بالعقل، ولايقوم عليها برهان، وهم لا يصدقون بالسمع، فاضطربت لذلك مقالاتهم فمن [ينتهى إلى الطلب] (?) ينسب جميع الرؤيا إلى الأخلاط، ويستدل بالمنامات على الخلط المغالب، فيقول: من غلب عليه البلغم رأى السباحة فى الماء ويشبهه لمناسبة الماء فى طبيعته طبيعة البلغم.
ومن غلب عليه الصفراء رأى النيران والصعود فى العلو، ويشبهه لمناسبة النار فى الطبيعة طبيعة الصفراء؛ ولأن خفتها وانقيادها يخيل إليه الطيران فى الجو، والصعود فى العلو، وهكذا يصنعون فى بقية الأخلاط، وهذا مذهب، وإن جوزه العقل وأمكن عندنا أن يجرى البارى جلت قدرته العادة؛ بان يخلق مثل ما قالوه عند غلبة هذه الأخلاط، فإنه لم يقم عليه دليل، ولا اطردت به عادة، والقطع فى موضع التجويز غلط وجهالة هذا لو