. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على هذه الحالة. وقد حكى عن أفاضل من التابعين لعبها (?). وقال بعضى شيوخنا (?): لا تثبت ذلك عنهم، وإنما يتقول ذلك أهل البطالة ليجعلوا لأنفسهم أسوة فى بطالتهم.
والشطرنج لعب معروف، والنردشير جنس آخر من اللعب. وقد قال بعض العلماء (?): كأن الأوائل لما نظروا إلى أمور الدنيا فوجدوها تجرى على أسلوبين مختلفين: منها ما يجرى بحكم الاتفاق، ومنها ما يجرى بحكم السعى والتخيل، فوضعوا النرد مثالاً لما يجرى من أمور الدنيا بحكم الاتفاق؛ لتشعر به النفس وتتصداه، ووضعوا الشطرنج مثالاً لما يجرى من أمور الدنيا بحكم السعى والاجتهاد؛ لتشعر النفس بذلك، وتنهض الخواطر إلى عمل مثله من المطلوبات. وإنما ذكرنا هذا ليعرف منه على الجملة حقيقة اللعبين حتى تعلم من علم حكمهما حقيقتهما على الجملة إن لم يكن يعرفهما تفصيلاً.
قال القاضى [قال بعضهم] (?) النرد يسمى الكعاب ويسمى الإرب، والنردشير، قال صاحب العين: النرد فارسى (?)، ويقال: إن الذى وضعها من الفلاسفة، كان على رأى أصحاب الجبر عندهم وعدم القدرة والحيلة، وأن الذى وضع الشطرنج كان على رأى أصحاب الممكن عندهم، وهم أصحاب الاكتساب والقدرة.
ومذهب الشافعى وأبى حنيفة أنه لا يرد شهادة اللاعب بها إذا كان موصوفًا بالعدالة فى أحواله (?). قال أصحاب الشافعى: إلا أن يلعبها قماراً، وكان بذلك معروفاً فتسقط بذلك شهادته (?)، لأكله المال بالباطل، هذا مذهبه، وهو نحو قول إسحاق (?)، وكان الشافعى (?) يكره اللعب بالنرد والشطرنج، ويرى الشطرنج أخف من النرد. وكان الليث، يرى الشطرنج أشد من النرد (?)، كما ذكر عن مالك، وأسقط بذلك شهادة اللاعب بها.