(...) وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، سُليْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، كِلاهُمَا عَنْ عَمْرِو ابْنِ دِينَارٍ بِإِسْنَادِ ابْنِ جُرَيْجٍ. نَحْوَ حَدِيثِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الخليل: الوباء: الطاعون، وقيل: هو كل مرض عام. وقال القاضى الباجى: الوباء هو الطاعون، وهو مرض يعم الكثير من الناس فى جهة من الجهات دون غيرها، تخالف المعتاد من أمراض الناس (?). ويكون مرضهم واحد بخلاف سائر الأوقات باختلاف الأمراض.
قال القاضى: أصل الطاعون القروح الخارجة فى الجسد، والوباء: عموم الأمراض، فسميت طاعوناً لشبهها بالهلاك بذلك، وإلا فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعوناً على ما ذكرناه، ويدل على ما أشرنا إليه قوله - عليه السلام - فى حديث أبى موسى: " الطاعون وخز أعدائكم من الجن " (?). ووباء الشام الذى وقع به إنما كانت طاعونًا وقروحًا، وهو طاعون عمواس.
فى هذا الحديث من العلم: توقى المكاره ومن (?) منها قبل وقوعها، وفيها التسليم لأمر الله وقدره إذا وقعت المصائب والبلايا، وهذا كما قال - عليه السلام -: " لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا " (?) وفيه أن الأمور كلها بقدر الله، وأنه لا ينجى الفار من القدر فراره، وفيه منع القدوم على بلاء الطاعون والوباء، وتحريم الخروج عنها فراراً من ذلك.
وقد اختلف السلف فى هذا، فمنهم من أخذ بظاهر الحديث وهم الأكثر، روى عن عائشة وقالت: هو كالفرار من الزحف (?)، ومنهم من خرج إلى بلاد الطاعون وخرج عنها، وروى هذا المذهب عن عمر بن الخطاب، وأنه ندم على رجوعه من شرغ (?)، وقال: اللهم اغفر لى رجوعى من شرغ. وكتب إلى عامله بالشام: إذا سمعت بالطاعون قد وقع