الرَّجُلُ الَّذِى ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأعْظَمَ النَّاسُ ذلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِى طَلَبَهِ حَتَّى جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عِنْدَ ذلِكَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيَما يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقول الآخر: " أنا صاحبه أبدًا ": أى لا أفارقه، وأتبع أمره حتى أعرف ماله، إذ أخبر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما دل على سوء عقباه، وخاتمته، وسوء سريرته بكونه من أهل النار، وخبره صادق لا شك فيه، وكان ظاهره غير ذلك من نصر الدين وحسن البصيرة فيه، فأراد معرفة السبب الموجب لكونه من أهل النار ليزداد يقينًا وبصيرة كما فَعَل وذكر فى نفس الحديث (?)، وتجديد شهادته بالنبوة (?).

ودلَّ بمجموع (?) هذا أن الأعمال بخواتيمها كما أشار إليه رسول الله آخر الحديث، وهذا يرجح هذا التأويل فى قوله: " حتى ما يبقى بينه وبين الجنة إلا ذراع " وذكر فى النار مثيله على من تأوَّل أن معناه: الحيف فى الوصيَّة (?).

وذكر الذراع هنا والشبر تمثيل للقرب وسرعة اللحاق، واستعارة لذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015