(...) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ المَدَنِىُّ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالمعروف والنهى عن المنكر "، وفى الحديث الآخر: " وحسن الكلام ": قد بين من هذا [معنى] (?) علة ما نهى عنه من الجلوس على الطرقات من التعرض للفتن بحضور النساء الشواب، وخوف ما يلحق من ذلك من النظر إليهن والفتنة بسببهن، ومن التعرض لحقوق الله وللمسلمين بما (?) لا يلزم [الإنسان إذا كان فى بيته وحيث ينفرد أو يشتغل بما يلزمه] (?)، ومن رؤية المناكر وتعطيل المعارف، فيجب على المسلم الأمر والنهى عند ذلك، فإن ترك ذلك، فقد تعرض لمعصية الله.
وكذلك هو يتعرض لمن يمر عليه ويسلم، وربما كثر ذلك عليه فيعجز. عن رد السلام على كل مار ورده فرض فيأثم والمرء مأمور ألا يتعرض للفتن، ولا لإلزام (?) نفسه ما لعله لا يقوم بحقه فيه فندبهم النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ترك هذا، فلما أعلموه أنه لا بد لهم من ذلك لما يقصده الإنسان بمجالسة جيرته وأصحابه فى أفنية منازلهم لترويح قلوبهم وقضاء حوائجهم والمباحثة عن أحوالهم. قال لهم: إن أبيتم إلا ذلك فأدوا الحقوق اللازمة لكم.
وفيه دليل أن أمره - عليه السلام - لم يكن لهم على الوجوب، وإنما كان على طريق الترغيب والحض لما هو أولى (?)؛ إذ لو فهموا منه الوجوب لم يراجعوه هذه المراجعة، وقد يحتج به من لا يرى الأوامر على الوجوب. وفيه حجة على وجوب رد السلام، وحجة على أن الماشى يسلم على القاعد، كما تقدم فى الحديث قبل.
وأما قوله: " وكف الأذى ": فيحتمل أن يكف أذى الناس بعضهم عن بعض، وهو من نحو قوله: " والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر " وقد يكون أن تكف أذاك عن المار فيه بألا تجلس حيث يضيق عليه الطريق، أو من يتأذى بجلوسك على باب منزله، أو طريق واردته، أو حيث يكشف عياله، أو ما يريد التستر به من حاله.
وقوله: " وحسن الكلام ": ندب إلى حسن معاملة المسلمين بعضهم لبعض، وأن الجالس على الطريق يمر به العدد الكثير من الناس، فربما سألوه عن بعض شأنهم، ووجه طرقهم، فيجب أن يتلقاهم بالجميل من الكلام، ولا يتلقاهم بالضجر وخشونة اللفظ، ولعل هذا من باب كف الأذى المتقدم.