لَيْسَ مِنْ كَدِّكَ، وَلا مِنْ كَدِّ أَبِيكَ، وَلا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ. فَأَشْبِعِ الْمُسْلِمَيْنَ فِى رِحَالِهِمْ، مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ، وَزَىَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرَ! فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ. قَالَ: إِلا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِصْبِعَيْهِ الوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ وَضَمَّهُمَا. قَالَ زُهَيْرٌ: قَالَ عَاصِمٌ: هَذَا فِى الكِتَابِ. قَالَ: وَرَفَعَ زُهَيْرٌ إِصْبَعِيْهِ.

13 - (...) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الْحَرِيرِ. بِمِثْلِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة؛ فلهذا استجاز عمر - رضى الله عنه - أن يكسوها لمشرك.

وذكر مسلم فى حديث: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسل إليه قباءً (?) ديباج، فقال: يا رسول الله كرهت أمراً وأعطيتنيه؟ فقال: " إنى لم أُعْطِكَهُ لتلبسه إنما أَعْطَيْتُكَهُ تبيعه " فباعه بألفى درهم: وإنما أجاز له بيعه وإن كان محرماً لباسه على الرجل؛ لأنه يحل لبسه للنساء، وهى منفعة مقصودة تصح المعاوضة عليها.

وأما قوله: " إنما يلبس الحرير فى الدنيا من لا خلاق له فى الآخرة " (?): الخلاق: النصيب الوافر من الخير، ومنه قوله تعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِم} (?)، أى انتفعوا به، {أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَة} (?).

قال القاضى: قال الطبرى (?): اختلف فى قوله: " إنما يلبس هذا من لا خلاق له فى الآخرة "، فقيل: من لا حرمة له، وقيل: من لا قوام له، وقيل: من لا دين له، قال: ومن لبسه لباس اختيال ممن لا خلاق له فى الآخرة.

وقوله: " فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة " (?): قيل: كان أخاه من أمه، وكذلك ذكر النسائى فيه صلة الرحم المشرك، وجواز الهدية له بما يصح استعمال المسلم له وما لا يصح، وقسم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحلل من (?) أصحابه مما لا يجوز لهم لبسه لينتفعوا بها، كما قال فى الحديث الآخر. فيه صحة ملك المسلم لثياب الحرير وشرائه وبيعه لها؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015